للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوجهه الكريم وَكذا مَنْ حَوْلَهُ من الملائكة الذين يطوفون حول العرش ويقتفون اثر أولئك الحملة السابقين كلهم سابقا ولا حقا يُسَبِّحُونَ وينزهون الحق عن سمات الحدوث والإمكان ويقدسونه عن وصمة السهو والنسيان إذ كمال ما يدرك المدرك منه سبحانه انما هو التسبيح والتقديس والا فالامر أعز وأعلى من ان يحيط به الآراء ويحوم حول سرادقات عزه وعلائه الأهواء ويواظبون بِحَمْدِ رَبِّهِمْ على ما أولاهم نعمة التوجه اليه والتحنن نحوه وَبالجملة يُؤْمِنُونَ بِهِ سبحانه وبوحدة ذاته ويعتقدون بأوصافه العليا وأسمائه الحسنى وان عجزوا عن درك كنه ذاته وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا اى يطلبون الستر والعفو منه سبحانه لذنوب إخوانهم الذين آمنوا بوحدة الحق وبكمالات أسمائه وصفاته مثل ايمانهم سواء كانوا سماويين او ارضيين مناجين مع ربهم حين استغفارهم قائلين رَبَّنا يا من ربانا على فطرة تسبيحك وتقديسك ومداومة حمدك وثنائك أنت بذاتك وبمقتضى كرمك وجودك قد وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً اى وسعت رحمتك وأحاطت حضرة علمك على كل ما لمع عليه بروق تجلياتك وشروق شمس ذاتك فَاغْفِرْ بسعة رحمتك وجودك لِلَّذِينَ تابُوا اى عموم عبادك الذين رجعوا وأنابوا نحو بابك نادمين وامح عن عيون بصائرهم سدل رؤية الغير والسوى في جنب جنابك وَمع رجوعهم وانابتهم نحوك اتَّبَعُوا بالعزيمة الصادقة الخالصة حسب حولك وقوتك سَبِيلَكَ الذي قد أرشدتهم اليه وهديتهم نحوه بوحيك على رسلك وَقِهِمْ بلطفك واحفظهم بسعة رحمتك وجودك عَذابَ الْجَحِيمِ المعد لأصحاب الخذلان والخسران

رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ بفضلك ولطفك جَنَّاتِ عَدْنٍ اى منزهات العلم والعين والحق الَّتِي وَعَدْتَهُمْ في كتبك بعموم ارباب العناية من عبادك وَادخل ايضا مَنْ صَلَحَ من عندك بفيضان جودك وإحسانك مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ التي قد تناسلت منهم على فطرة التوحيد وحلية الايمان والعرفان إِنَّكَ بذاتك وأسمائك وصفاتك أَنْتَ الْعَزِيزُ المنيع ساحة عز حضورك عن ان يحوم حوله شائبة وهم احد من مظاهرك ومصنوعاتك الْحَكِيمُ المتقن في عموم افعالك الصادرة منك على كمال الاحكام والإتقان

وَقِهِمُ بمقتضى حكمتك المتقنة السَّيِّئاتِ عن مطلق الجرائم والآثام المستتبعة لإدخالهم الى دركات النيران وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ اى ومن تحفظه بمقتضى لطفك وتوفيقك عن المعاصي في النشأة الاولى فَقَدْ رَحِمْتَهُ البتة في النشأة الاخرى وَذلِكَ اى وقايتك وحفظك إياهم عن اسباب الخذلان والحرمان هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ والكرم العميم واللطف الجسيم. ثم أشار سبحانه الى تفضيح من كفر بالله وكذب بما نزل من عنده من الأوامر والنواهي الجارية بمقتضى وحيه على ألسنة رسله وكتبه في النشأة الاولى فقال

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بالله وأنكروا بوحدة ذاته وسريان هويته الوحدانية الذاتية على جميع مظاهر الكائنات حسب شئون الأسماء والصفات بان أشركوا فيه سبحانه واثبتوا وجود الغير وادعوا ترتب الآثار عليه يُنادَوْنَ في الطامة الكبرى والنشأة الاخرى حين ظهر الحق واستقر على مقر العز والتمكين بكمال الاستقلال والاستحقاق وانقهر الباطل الزاهق الزائل واضمحل التلوين والتخمين لَمَقْتُ اللَّهِ اى طرده وتحريمه وتخذيله لكم اليوم أَكْبَرُ واقظع مِنْ مَقْتِكُمْ وتخذيلكم وتحريمكم أَنْفُسَكُمْ عن موائد لطفه وإحسانه سبحانه وقت إِذْ تُدْعَوْنَ أنتم بألسنة الأنبياء والرسل باذن الله ووحيه إِلَى الْإِيمانِ به وبتوحيده

<<  <  ج: ص:  >  >>