للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على انواع الانعام والانتقام هُوَ السَّمِيعُ لجميع ما صدر من ألسنة استعداداتهم الْبَصِيرُ بعموم ما لاح وظهر على هياكلهم وهوياتهم. ثم أشار سبحانه الى تقريع اهل الزيغ والضلال وتفضيح اصحاب العناد والجدال فقال مستفهما مستبعدا مستنكرا إياهم

أَينكرون أولئك المعاندون المفرطون قدرتنا على أخذهم وانتقامنا عنهم وَلَمْ يَسِيرُوا ولم يسافروا فِي الْأَرْضِ الموروثة لهم من أسلافهم الذين قد أسرفوا على أنفسهم أمثالهم فَيَنْظُرُوا بنظر التأمل والاعتبار ليظهر عندهم كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ المفسدين المسرفين الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ مستقرين عليها متمكنين فيها مترفهين أمثالهم بل قد كانُوا هُمْ اى أسلافهم أَشَدَّ مِنْهُمْ اى من هؤلاء الأخلاف الأجلاف قُوَّةً وقدرة واكثر أموالا وَآثاراً فِي الْأَرْضِ حصونا وقلاعا وأخاديد وغير ذلك مما صدر من ذوى الأحلام السخيفة المقيدين بسلاسل الحرص وأغلال الآمال الطويلة أمثال انباء زماننا هذا ومع ذلك ما اغنى عنهم مخايلهم وأموالهم شيأ من غضب الله وعذابه حين حل عليهم لا دفعا ولا منعا بل فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ المنتقم الغيور منهم بِذُنُوبِهِمْ التي صدرت عنهم على سبيل البطر والغفلة فاستأصلهم بالمرة وَبالجملة ما كانَ لَهُمْ حينئذ مِنْ عذاب اللَّهُ المقتدر الغيور وبطشه مِنْ واقٍ حفيظ لهم يمنع عذاب الله عنهم

ذلِكَ بِأَنَّهُمْ اى ما ذلك البطش والانتقام الا بسبب انهم من شدة عتوهم وعنادهم قد كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ من قبل الحق مؤيدين بِالْبَيِّناتِ الواضحة والبراهين القاطعة من انواع الآيات والمعجزات الساطعة فَكَفَرُوا بالله وبهم أمثال هؤلاء التائهين في بيداء الغفلة والغرور وأنكروا على حججهم وبيناتهم ونسبوها الى السحر والشعبذة ولهذا قد أظهروا على رسل الله بأنواع المكابرة والعناد فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ القدير الحكيم الحليم العليم بكفرهم وعتوهم بعد ما امهلهم زمانا يترددون فيما يرومون ويقصدون فيه وكيف لا يأخذهم سبحانه إِنَّهُ قَوِيٌّ مطلق ومقتدر كامل سيما على من ظهر عليه وخرج عن ربقة عبوديته شَدِيدُ الْعِقابِ صعب الانتقام اليم العذاب على من كذب وتولى عن رسله الكرام

وَاذكر يا أكمل الرسل لَقَدْ أَرْسَلْنا من مقام عظيم جودنا أخاك مُوسى الكليم وأيدناه بِآياتِنا القاطعة الساطعة الدالة على وحدة ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ اى بحجة واضحة دالة على صدقه في رسالته ودعوته

إِلى فِرْعَوْنَ الباغي الطاغي الذي قد بالغ في العتو والعناد حيث تفوه بكلمة أنا ربكم الأعلى وَهامانَ المصدق لطغيانه المعاون على عتوه وعدوانه وَقارُونَ المباهي بالثروة والغنى على اقرانه وعموم اهل عصره وزمانه وبعد ما قد بلغ الكليم الدعوة إليهم واظهر المعجزة عندهم وعليهم فَقالُوا بلا مبالاة وبلا تردد وتأمل فيما سمعوا وشاهدوا منه ما هذا المدعى الا ساحِرٌ في عموم بيناته كَذَّابٌ في جميع دعوته يعنى فاجؤا على التكذيب والإنكار بلا مبالاة به وبشأنه وأصروا على ما هم عليه من العتو والاستكبار

فَلَمَّا جاءَهُمْ موسى ملتبسا بِالْحَقِّ مؤيدا مِنْ عِنْدِنا وآمن له بنوا إسرائيل حين عاينوا منه الآيات الكبرى والبينات العظمى قالُوا يعنى فرعون اصالة وملئه تبعا لأعوانهم واتباعهم اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ يعنى أعيدوا على بنى إسرائيل الزجر الشنيع الذي قد كنتم تفعلون معهم من قبل وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ للزواج والوقاع تعييرا عليهم وتقريعا مستلزما لانواع الاهانة والاستحقار يعنى انهم قد قصدوا المقت والمكر على أولئك المؤمنين بقولهم هذا وَ

<<  <  ج: ص:  >  >>