للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متابعة الرسل الهادين فَهَلْ أَنْتُمْ اليوم مُغْنُونَ دافعون مانعون عَنَّا نَصِيباً جزأ وشيأ قد صار حظنا مِنَ النَّارِ النازلة علينا بسبب اتباعنا إياكم واقتفائنا اثركم وتديننا بدينكم وخصلتكم

قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا اى الرؤساء المتبوعون إِنَّا اى نحن وأنتم كُلٌّ منا معذبون فِيها اى في النار لا يتيسر لاحد منا ومنكم ان يدفع شيأ منها إِنَّ اللَّهَ المنتقم الغيور قَدْ حَكَمَ بَيْنَ عموم الْعِبادِ بان ادخل بعضا منهم في الجنة بمقتضى فضله وبعضا في النار حسب عدله وبالجملة لا معقب لحكمه هذا وهو شديد المحال

وَاذكر يا أكمل الرسل لأصحاب العبرة والاستبصار ما قالَ الَّذِينَ كفروا حال كونهم فِي النَّارِ محزونين صاغرين لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ وهي اعمق اماكن النار واغورها ادْعُوا رَبَّكُمْ ايها الخزنة حسبة لله واستشفعوا منه سبحانه لأجلنا وان لم يغفر لنا ولم يعف عن جرائمنا ولم يخرجنا من النار يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً اى مقدار يوم واحد مِنَ الْعَذابِ الدائم المستمر حتى نتنفس فيه ونستريح

قالُوا اى الخزنة في جوابهم تهكما وتوبيخا على وجه التجاهل أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ ايها الحمقى الهالكون في تيه البعد والضلال رُسُلُكُمْ المبعوثون إليكم بِالْبَيِّناتِ الواضحة الدالة على قبول الإنذارات الصادرة من الله اصالة ومنهم تبعا وبعد ما سمعوا من الخزنة ما سمعوا قالُوا متأوهين متأسفين متحسرين بَلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء ان أنتم الا تكذبون قالُوا اى الخزنة بعد ما سمعوا ان أنتم الا في ضلال مبين فَادْعُوا على حالكم بلا استشفاع منا إذ نحن لا نجترئ بالشفاعة عنده والاستغفار منه سبحانه لأمثالكم إذ لا يقبل الدعاء منا ومنكم في مثل هذه الجرائم الكبيرة وَبالجملة ما دُعاءُ الْكافِرِينَ المصرين على كفرهم في النشأة الاولى التي هي دار الاختبار لاستخلاصهم في النشأة الاخرى التي هي دار القرار إِلَّا فِي ضَلالٍ ضياع وخسار بحيث لا يسمع من احد أمثال هذا الدعاء ولا يجاب له ولا يقبل منه. ثم قال سبحانه وعدا للمؤمنين وحثا لهم على تصديق رسل الله وكتبه

إِنَّا من مقام عظيم جودنا ولطفنا لَنَنْصُرُ ونعاون رُسُلَنا الذين هم حملة وحينا وحفظة ديننا وَكذا المؤمنين الَّذِينَ آمَنُوا بهم واسترشدوا منهم طريق الهداية واجتنبوا بسببهم عن الغي والضلال فِي الْحَياةِ الدُّنْيا التي هي نشأة الفتن والاختبارات الإلهية بتوفيقهم على العمل الصالح وردعهم عن المفاسد والمنكرات وَننصرهم ايضا نصرة تامة يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ اى يوم القيامة التي يقوم فيها الشهود العدول من الملائكة والنبيين والمؤمنين لنصرة المؤمنين ومقت الكافرين وذلك

يَوْمَ اى يوم لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ الخارجين عن مقتضى الحدود الإلهية في النشأة الدنيا مَعْذِرَتُهُمْ التي أتوا بها يومئذ إذ قد انقضى حينئذ وقت التلافي والتدارك ومضى زمان الاختبار وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ يومئذ نازلة والطرد والتبعيد عن ساحة عز الحضور حاصل وَبالجملة لَهُمُ يومئذ سُوءُ الدَّارِ المعدة لأصحاب الخسار والبوار ألا وهي جهنم البعد والخذلان. أعاذنا الله وعموم عباده عنها. ثم قال سبحانه تسلية لحبيبه وتوطينا له على تحمل أعباء الرسالة الجالبة لانواع المكروهات من النفوس المجبولة على الشقاوة والضلال والتصبر على اذياتهم

وَالله لَقَدْ آتَيْنا من كمال فضلنا وجودنا أخاك مُوسَى الكليم الْهُدى اى الشرائع والمعجزات الدالة على كمال الهداية والإرشاد الى سبيل الرشد والسداد وَبعد انقراض موسى قد أَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ اى التوراة المنزل عليه وابقيناه بينهم ليكون

هُدىً لهم هاديا الى ما هديهم موسى

<<  <  ج: ص:  >  >>