للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع انه سبحانه هو الصمد المتفرد بالالوهية والربوبية إذ

اللَّهُ الواحد الأحد الصمد الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ اى عالم الطبيعة والهيولى قَراراً تستقرون عليها حسب هويتكم وَرفع لكم السَّماءَ اى عالم الأسماء والصفات بِناءً اى سقفا رفيعا منيعا تستفيضون منها الكمالات اللائقة لاستعداداتكم وقابلياتكم الموهوبة لكم من عنده سبحانه وَبالجملة قد صَوَّرَكُمْ حسب لطفه وجماله من الآباء العلويات والأمهات السفليات فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ بان خلقكم على اعدل الأمزجة واحسن التقويم لتكونوا قابلين لائقين لخلافة الحق ونيابته وَبعد ما صوركم كذلك فأحسن صوركم هكذا قد رَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ الصورية والمعنوية تقوية وتقويما لأشباحكم وأرواحكم وبالجملة ذلِكُمُ اللَّهُ الذي سمعتم نبذا من أوصافه الكاملة ونعمه الشاملة رَبُّكُمْ الذي أظهركم من كتم العدم بمقتضى لطفه فانى تصرفون عنه وعن توحيده وعبادته ايها المسرفون الضالون المفرطون مع انه لا رب لكم سواه سبحانه فَتَبارَكَ اللَّهُ الواحد الأحد الفرد الصمد العلى بذاته الجلى بحسب أسمائه وصفاته رَبِّ الْعالَمِينَ على الإطلاق بكمال الاستقلال والاستحقاق لا يعرضه زوال ولا يطرأ عليه انقراض وانتقال بل

هُوَ الْحَيُّ الأزلي الأبدي الدائم المستغنى عن مقدار الزمان ومكيال المكان مطلقا لا إِلهَ في الوجود سواه ولا موجود يعبد له بالحق إِلَّا هُوَ وبعد ما سمعتم ايها المكلفون خواص أسمائه وأوصافه سبحانه فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ واعبدوه مخصصين لَهُ الدِّينَ اى العبادة والانقياد إذ لا مستحق للاطاعة والعبادة الا هو سبحانه وبعد ما رجعتم نحوه مخلصين وعبدتم له سبحانه مخصصين قولوا بلسان الجمع الْحَمْدُ المستوعب لجميع الاثنية والمحامد الناشئة من ألسنة عموم المظاهر ثابت لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ بانفراده بالالوهية واستقلاله في الربوبية بلا توهم الشركة والمظاهرة ويا أكمل الرسل

قُلْ لعموم المشركين على سبيل التنبيه والإرشاد بعد ما وضح امر التوحيد واتضح سبيل الهداية والرشد إِنِّي نُهِيتُ من قبل ربي الذي سمعتم استقلاله في ألوهيته وربوبيته أَنْ أَعْبُدَ وانقاد الآلهة الباطلة الَّذِينَ تَدْعُونَ أنتم وتعبدون لها مِنْ دُونِ اللَّهِ الواحد الأحد الصمد الفريد في الألوهية الوحيد بالربوبية سيما لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ اى حين نزل علىّ الآيات المبينة الموضحة مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ من لدنه سبحانه أَنْ أُسْلِمَ اى اعبد وانقاد على وجه التسليم المقارن بالإخلاص والاختصاص بلا رؤية الوسائل والأسباب لِرَبِّ الْعالَمِينَ إذ هو سبحانه منزه عن التعدد والتكثر مطلقا ورجوع الكل اليه أولا وآخرا وكيف لا يعبدونه سبحانه ولا ينقادون اليه ولا يتوجهون نحوه مع انه

هُوَ الخالق المبدع المصور الَّذِي خَلَقَكُمْ وقدر صوركم أولا مِنْ تُرابٍ مهين مرذول إظهارا لقدرته الغالبة الكاملة ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ مهينة مستحدثة من أجزاء التراب ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ خبيثة متكونة من النطفة ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ من بطون أمهاتكم طِفْلًا سويا كائنا من أجزاء العلقة مع الروح المنفوخ فيها من لدنه سبحانه ثُمَّ يربيكم بأنواع اللطف والكرم لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ اى كمال قوتكم وحولكم نظرا وعملا ثُمَّ أمهلكم وأعمركم زمانا لِتَكُونُوا شُيُوخاً منحطين منسلخين عن كلتا القوتين المذكورتين معا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى ويموت مِنْ قَبْلُ اى قبل بلوغه الى أشده او شيخوخته وَانما فعل سبحانه كل ما فعل من الأطوار المتعاقبة والأحوال المتواردة المترادفة لِتَبْلُغُوا أَجَلًا معينا مقدرا مُسَمًّى عنده سبحانه بلا اطلاع احد عليه لقبضكم نحوه ورجوعكم اليه

<<  <  ج: ص:  >  >>