للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتطوراته المتفرعة على أسمائه الحسنى وأوصافه العظمى فلك ان لا نغفل في عموم احوالك عن مطالعة جمال الله وجلاله في كل ذرة من ذرائر الأكوان على وجه الاستبصار والاعتبار بلا شائبة شك وانكار وتردد واستكبار لئلا تلحق بالأخسرين الذين يؤمنون بالله وبتوحيده حين لم يك ينفعهم ايمانهم لانقضاء نشأة التلافي والاختبار وذلك حين يعرضون على الملك الجبار ويساقون نحو النار بأنواع الخسار والبوار. ربنا آتنا من لدنك رحمة وقنا عذاب النار

[سورة فصلت]

[فاتحة سورة فصلت]

لا يخفى على المستبصرين المستكشفين عن سرائر الكتب الإلهية واسرار الآيات المنزلة من عنده سبحانه على رسله وأنبيائه المؤيدين من لدنه بتكميل مرتبتي الولاية والنبوة المتفرعتين على اسمى الظاهر والباطن والاول والآخر ان سر الإنزال والإرسال اللذين قد جرت عليه السنة السنية الإلهية واقتضت حكمته البالغة العلية وعلمه الشامل ورحمته العامة الواسعة انما هو لتنبيه اهل الحيرة والضلال من المترددين في فضاء الوجود بلا شعور منهم الى مبدأهم ومعادهم لاحتجابهم بالقرب المفرط المعمى عيون بصائرهم وأبصارهم حتى يتفطن منهما ويتذكر بهما من كان له قلب يقلبه الرحمن بأصابع أسمائه وصفاته كيف يشاء او القى السمع وهو وان كان محجوبا بهويته شهيد حاضر القلب غير مغيب عن الله وعن آثار ألوهيته وربوبيته ليفنى كل من سمع وتذكر عن هويته الباطلة ويبقى بهوية الله الغير الزائلة ولهذا خاطب سبحانه حبيبه صلّى الله عليه وسلّم ورمز في خطابه بعد ما تيمن بأمهات أسمائه التي هي مقاليد كنوز الوجود ومفاتيح خزائن مطلق الفيض والجود حيث قال سبحانه بِسْمِ اللَّهِ المدبر لأمور عموم مظاهره بمقتضى استعداداتها الفائضة عليها حسب جوده الرَّحْمنِ عليها بإخراجها عن مكمن العدم الى فضاء الوجود الرَّحِيمِ بخواص عباده بايصالهم الى الحوض المورود والمقام المحمود

[الآيات]

حم يا حافظ وحى الله المؤيد من عنده لحفظ حدوده حسب أوامره ونواهيه هذا القرآن الجامع لمصالح عموم المظاهر والأكوان

تَنْزِيلٌ وارد صادر ناش مِنَ الرَّحْمنِ اى من الذات الاحدية بمقتضى اسمه الرحمن المستوي به على عروش عموم الأكوان لإصلاح حال كل ما لاحت عليه شمس ذاته تتميما لتربيته إياه إذ ما من رطب ولا يابس الا هو سبحانه مشتمل عليه متكفل لتدبيره وتربيته الرَّحِيمِ بانزاله لخواص عباده ليتنبهوا من رموزه وإشاراته الى وحدة الحق وكمالات أسمائه وصفاته. وانما صار القرآن جامعا بين مرتبتي الظاهر والباطن والاول والآخر إذ هو

كِتابٌ كامل شامل فُصِّلَتْ بينت وأوضحت آياتُهُ المشتملة على دلائل التوحيد وشواهد القصص والاحكام ومنبهات العبر والحكم ومحاسن الأخلاق والأعمال ومقابيح المناهي والمنكرات من الأفعال والأحوال في النشأة الاولى والاخرى ولهذا صار قُرْآناً فرقانا واضحا موضحا بيانا وتبيانا عَرَبِيًّا نظما وأسلوبا إذ لا لغة احسن منه واشتمل وأفضل وأكمل وانما فصلت وأوضحت آيات هذا الكتاب لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ اى يوفقون من لدنه سبحانه على العلم اللدني والفطرة الاصلية التي هي المعرفة والتوحيد ولهذا ايضا قد صار

بَشِيراً يبشر اهل العناية والسعادة بالفوز العظيم الذي هو تحققهم بمقام الرضا والتسليم وَنَذِيراً ينذر اصحاب الشقاوة والحرمان عن خلود النيران والعذاب الأليم ومع علو شأنه ووضوح تبيانه وبرهانه فَأَعْرَضَ عنه وانصرف عن قبوله

<<  <  ج: ص:  >  >>