للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا معاوضة ولا تجارة حتى تحصلوا فيه ما فوتم لأنفسكم وَلا خُلَّةٌ حتى تتعاونوا بهم وتستظهروا منهم وَلا شَفاعَةٌ مقبولة من احد حتى تستشفعوا منه وَبالجملة الْكافِرُونَ الساترون هوية الحق بهوياتهم الباطلة المضيفون نعم الله إليها اصالة هُمُ الظَّالِمُونَ المتجاوزون عن حدود الله عنادا واستكبارا المعتقدون اصالتهم في الوجود واستقلالهم في الآثار الصادرة عنهم مع كونهم هالكين مستهلكين في وجود الحق وهويته سبحانه

إذ اللَّهُ اى الذات الموجود الكائن الثابت الحق الحقيق بالحقية والتحقق والثبوت إياك ان تتقيد بالألفاظ ومحتملاتها إذ الغرض من التعبير انما هو التنبيه والا فكيف يعبر عنه سبحانه وهو أجل من ان يحيط به العقول فتعبر عنه وتورده في قالب الألفاظ الذي لا إِلهَ اى لا موجود وان شئت قلت لا وجود ولا تحقق ولا كون ولا ثبوت إِلَّا هُوَ هذا هو نهاية ما ينطق به السنة التعبير عن الذات الاحدية إذ كل العبارات والإشارات وعموم الإدراكات والمكاشفات والمشاهدات انما ينتهى اليه وبعد انتهاء الكل اليه تكل وتجهل وتعمى وتدهش ما للتراب ورب الأرباب حتى يتكلموا عنه سوى ان الحق سبحانه لما ظهر لهم بذاته وبعموم أوصافه وأسمائه انزل عليهم على قدر عقولهم المودعة فيهم كلاما جامعا ينبههم على مبدئهم ومعادهم بعد توفيق منه وجذب من جانبه الى أسهل الطرق بالنسبة الى المسترشدين انما هو الألفاظ المنبهة عن غيب الذات إذ الألفاظ خالية عن المواد الغليظة والكدورات الكثيفة المزيحة لصفاء الوحدة ومع ذلك ايضا لا يخلو عن شوب الكثرة والحجاب والحاصل ان من اطلع باطلاع الله والهامه إياه على ان فيه مبدأ التكاليف الذي هو العقل الجزئى المنشعب من العقل الكل المنشعب من حضرة العلم الحضوري الحقي فلا بد له ان يصرفه الى امتثال ما امر واجتناب ما نهى ليكون في مرتبة العبودية مطمئنا راضيا مستدرجا من الحيوة الصورية الى الحيوة المعنوية التي هي عبارة عن الوجود البحت الا وهو الْحَيُّ الحقيقي الأزلي الأبدي السرمدي الدائم القائم بذاته الواجب الوجود في نفسه دائم التحقق والثبوت الْقَيُّومُ الذي لا تَأْخُذُهُ فتور وفترة وتعطيل وغفلة ولا سِنَةٌ نعاس لا ينتهى الى حد النوم وَلا نَوْمٌ يتجاوز عنها قدمها مع ان المناسب للترقي تأخيرها اهتماما بشأنها لكونها اقرب نسبة الى الله تعالى من النوم بالنسبة الى ذوى الأحلام السخيفة من المجسمة وغيرها القادر الحكيم لَهُ محافظة كل ما ظهر فِي السَّماواتِ اى عالم الأسماء والصفات الذاتية التي هي أول كثرة ظهرت من الغيب المطلق الى الشهادة الاضافية وَكذا ما ظهر فِي الْأَرْضِ اى طبيعة العدم التي هي آخر كثرة عادت من الشهادة المطلقة الحقيقية الى الغيب الإضافي الذي هو قلب الإنسان وهو البرزخ بين الغيب المطلق الحقيقي والشهادة المطلقة الحقيقية مَنْ ذَا من الأنبياء والأولياء من الهادين المرشدين الَّذِي يَشْفَعُ للناقصين المنحطين عن الرتبة الانسانية عِنْدَهُ سبحانه إِلَّا بِإِذْنِهِ اى الا بوحيه سبحانه على قلبه برقائق مناسباته التي لا يمكننا التعبير عنها إذ هو الحكيم الذي يَعْلَمُ بعلمه الحضوري ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حالتئذ وَما خَلْفَهُمْ ازلا وابدا وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ قليل مِنْ عِلْمِهِ الحضوري إِلَّا بِما شاءَ وتعلق ارادته ومشيته عليه من هذا يتفطن العارف المحقق ان العالم ما هو الا مظاهر ذات الحق واظلال أسمائه وآثار أوصافه إذ الموجود الحقيقي هو والوجود الحقيقي هو والقيوم المطلق هو والرقيب المحافظ الملازم على محافظة عموم ما ظهر وبطن في الاولى والاخرى هو والعالم المدبر بالحضور مصالح جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>