للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسماعه سمع تدبر وتأمل أَكْثَرُهُمْ اى اكثر المكلفين المأمورين من عنده سبحانه بامتثال ما فيه من الأوامر والاحكام وباتصاف ما ذكر فيه من الأخلاق والأعمال وما رمز اليه من المعارف والأحوال فَهُمْ من شدة قساوتهم وغفلتهم لا يَسْمَعُونَ ولا يلتفتون نحوه عتوا وعنادا فكيف عن فحصه وقبوله ودراية ما فيه من الرموز والإشارات

وَمن غاية عمههم وسكرتهم ونهاية عتوهم واستكبارهم عن استماع كلمة الحق والالتفات إليها قالُوا على وجه التهكم والتمسخر قُلُوبُنا التي هي وعاء الايمان والاعتقاد فِي أَكِنَّةٍ واغطية كثيفة وغشاوة غليظة مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ أنتم من المعرفة والتوحيد لا نتنبه به ولا نتفطن بحقيته وَايضا فِي آذانِنا التي هي وسائل قبول العظة والتذكير وَقْرٌ صمم مانع عن استماع آياتك الدالة على صدقك في دعواك المثبتة لمدعاك وَبالجملة قد حال مِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ ايها الموحد المؤيد بالوحي والإلهام حِجابٌ عظيم يمنعنا عما تدعونا اليه بحيث لا يتيسر لنا رفعه ولا نقدر نحن على كشفه فَاعْمَلْ ايها المدعى حسب ما اوحاك إليك ربك وألهمك عليه إِنَّنا ايضا عامِلُونَ بما تيسر لنا ووفقنا عليه آلهتنا واربابنا إذ كل ميسر لما خلق له وبعد ما استنكفوا واستكبروا عليك وعلى دينك وكتابك

قُلْ لهم يا أكمل الرسل كلاما ناشئا عن محض اليقين والتوحيد خاليا عن وصمة التخمين والتقليد إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ اى ما أنا الا بشر مثلكم وما ادعى الملكية لنفسي غاية ما في الباب انه يُوحى إِلَيَّ اى يوحى ربي الى بمقتضى سنته السنية المستمرة في سالف الزمان أَنَّما إِلهُكُمْ الذي أظهركم من كتم العدم وأخرجكم الى فضاء الوجود إِلهٌ واحِدٌ احد صمد فرد وتر لا تعدد فيه بوجه من الوجوه فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وتوجهوا نحوه موحدين مخلصين وَاسْتَغْفِرُوهُ لفرطاتكم التي صدرت عنكم بمقتضى بشريتكم ليغفر لكم ربكم ما تقدم من طغيانكم وبهيميتكم وَعليك ان لا تشركوا معه سبحانه شيأ من مظاهره ومصنوعاته إذ وَيْلٌ وعذاب اليم معد عنده سبحانه لِلْمُشْرِكِينَ له الخارجين عن مقتضى توحيده واستقلاله في ألوهيته ظلما وزورا والمشركون المستكبرون عن آيات الله هم

الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ المفروضة لهم من أموالهم تطهيرا لنفوسهم عن رذالة البخل ولقلوبهم عن الميل الى ما سوى الحق وَسبب امتناعهم عن التخلية والتطهير انه هُمْ بمقتضى اهويتهم الفاسدة وآرائهم الباطلة بِالْآخِرَةِ المعدة لتنقيد اعمال العباد هُمْ كافِرُونَ منكرون جاحدون لذلك يمتنعون عن قبول التكاليف الشرعية وعن الامتثال بالأوامر الدينية المنزلة على مقتضى الحكمة الإلهية. ثم قال سبحانه على مقتضى سنته السنية

إِنَّ الموحدين الَّذِينَ آمَنُوا بوحدة الحق وباستقلاله في ألوهيته وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اى أكدوا ايمانهم بصوالح أعمالهم مخلصين فيها بمجرد امتثال امر العبودية بلا ترقب منهم الى ما يترتب عليها من المثوبات لَهُمْ عند ربهم بدل إخلاصهم وتخصيصهم أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ اى بلا منة مستتبعة للثقل والأذى بل يحسن ويتفضل عليهم سبحانه من محض اللطف والرضا

قُلْ يا أكمل الرسل لمن أشرك بالله وجحد توحيده على سبيل التوبيخ والتقريع أَإِنَّكُمْ ايها الجاحدون المسرفون لَتَكْفُرُونَ وتنكرون بِالَّذِي اى بالقادر العليم الحكيم الذي خَلَقَ الْأَرْضَ اى عالم الطبيعة والهيولى فِي يَوْمَيْنِ يوما لاستعداداتها القابلة لانعكاس اشعة نور الوجود ألا وهو يوم الدنيا والنشأة الاولى ويوما لاتصافها بها بمقتضى الجود الإلهي ألا وهو يوم العقبى والنشأة الاخرى وَمن كمال غفلتكم وضلالكم عن توحيد الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>