للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القوى الطبيعة المائلة بالذات الى السفل ذلِكَ الذي سمعت من الخلق والإيجاد على النظام البديع والترتيب العجيب تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الحكيم الغالب القادر على إيجاد عموم ما دخل في حيطة ارادته الْعَلِيمِ بإظهاره على جميع الصور الممكنة الظهور وبعد ما ظهر من دلائل توحيد الحق ما ظهر ولاح من آثار قدرته الكاملة ما لاح

فَإِنْ أَعْرَضُوا اى الكفرة الجهلة المستكبرون عنك يا أكمل الرسل وعن جميع ما اوحيت به من الآيات البينات المبينات لدلائل توحيد الذات وكمالات الأسماء والصفات الإلهية فَقُلْ لهم على وجه التحذير والتنبيه قد أَنْذَرْتُكُمْ ايها التائهون في تيه الغفلة والضلال وخوفتكم اتى بالماضي تنبيها على تحقق وقوعه صاعِقَةً اى بلية عظيمة نازلة عليكم من شدة قساوتكم وأعراضكم عن الحق واهله كأنها في الهول والشدة صاعقة مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ وقت

إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ المبعوثون إليهم لتكميلهم وإرشادهم المبلغون لهم الوحى الإلهي مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ اى في حضورهم وغيبتهم بواسطة وبغير واسطة المنبهون عليهم القائلون لهم عليكم ايها المجبولون على فطرة التوحيد أَلَّا تَعْبُدُوا ولا تتوجهوا بالعبودية الخالصة إِلَّا اللَّهَ الواحد الأحد الصمد الحقيق بالاطاعة والانقياد إذ لا معبود لكم سواه ولا مقصود الا هو وبعد ما سمعوا قالُوا متهكمين مستهزئين لَوْ شاءَ رَبُّنا الذي ادعيتم ربوبيته وألوهيته بالانفراد والاستقلال لَأَنْزَلَ بمقتضى قدرته الكاملة التي قد ادعيتم أنتم له مَلائِكَةً سماويين يخرجوننا من اودية الجهالات وبادية الضلال والغفلات وبالجملة فَإِنَّا بأجمعنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ اى بجميع ما قد جئتم به وادعيتم الرسالة فيه كافِرُونَ منكرون جاحدون إذ ما أنتم الا بشر مثلنا فلا مزية لكم علينا ومن اين يتأتى لكم هذا ثم فصل سبحانه ما أجمل بقوله

فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا على عباد الله فِي الْأَرْضِ التي هي محل الاختبارات الإلهية بِغَيْرِ الْحَقِّ اى بلا اطاعة وانقياد وسابقة دين ونبي يرشدهم الى طريق الحق وَهم من شدة تعنتهم وبطرهم قد قالُوا على سبيل الشرف والمباهات مَنْ أَشَدُّ على وجه الأرض مِنَّا قُوَّةً واكثر عددا وعددا وأتم بسطة واستيلاء وانما قالوا هذه حين تخويف الرسل إياهم بإلمام العذاب عليهم وهم قد كانوا أعظم الناس جسامة وأوفرهم قوة وقدرة لذلك اغتروا بما عندهم من الثروة والرياسة فكذبوا الرسل وقالوا لهم نحن ندفع العذاب الذي ادعيتم نزوله ايها الكاذبون المفترون بوفور حولنا وقوتنا أَيغترون على قوتهم وجسامتهم وينكرون كمال قدرة الله وشدة انتقامه وَلَمْ يَرَوْا ولم يعلموا أَنَّ اللَّهَ العزيز القدير الَّذِي خَلَقَهُمْ وأظهرهم من كتم العدم ولم يكونوا شيأ مذكورا هُوَ سبحانه بعلو شأنه وبكمالات أسمائه وصفاته أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وأتم حولا وقدرة واحكم بطشا وانتقاما وَلكن قد كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ وينكرون بحسب الظاهر عنادا ومكابرة واغترارا بما معهم من الثروة والجسامة وبعد ما تمادوا على غيهم وأصروا على عتوهم وضلالهم

فَأَرْسَلْنا بمقتضى قهرنا وجلالنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً باردة شديدة عقيمة من المطر تعميهم بنقعها وغبارها وتصمهم بصرصرها فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لا سعود فيها يعنى بدلنا مسعودات ايامهم بالمنحوسات لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ اى المذلة والهوان اللازم على العذاب حيث كان ونزل فِي الْحَياةِ الدُّنْيا التي هم مغرورون فيها مسرورون بلذاتها وشهواتها وَالله لَعَذابُ النشأة الْآخِرَةِ المعدة للجزاء والانتقام أَخْزى اى أشد خزيا وأتم تذليلا وتصغيرا إذ هو

<<  <  ج: ص:  >  >>