للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسُلْطانٍ مُبِينٍ

حجة واضحة دالة على صدقى في دعواي

وَمع وضوح الحجة وسطوع البرهان ان تظهروا على بالعناد والمكابرة اتكالا على شوكتكم وكثرتكم فانا لا أبالي بكم وبشوكتكم واستيلائكم بل إِنِّي عُذْتُ يعنى قد التجأت انا وثقت بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ من أَنْ تَرْجُمُونِ وتضربوني بالحجارة او تشتموني باللسان

وَبالجملة إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي ولم تقبلوا منى قولي ودعوتي فَاعْتَزِلُونِ وابعدوا عنى لا علىّ ولا لي ولا لكم ولا عليكم وبعد ما قد كذبوه بل قصدوا مقته وقتله

فَدَعا رَبَّهُ وتضرع نحوه بقوله أَنَّ هؤُلاءِ المفسدين المسرفين قَوْمٌ مُجْرِمُونَ منهمكون في الغي والضلال لا ينفعهم نصحى ولا يؤثر فيهم قولي ودعوتي يا ربي وبعد ما ايس عن ايمانهم بل خاف عن مكرهم وطغيانهم قلنا له ان كان الأمر كذلك

فَأَسْرِ بِعِبادِي اى سر معهم لَيْلًا على سبيل الفرار منهم وبعد ما علموا خروجك إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ اى يتبعكم فرعون وجنوده ليلحقوا بكم ويستأصلوكم وبعد ما وصلتم الى البحر غدوة وهم على اثركم مدركون بكم فاضرب حينئذ بعصاك البحر فإذا انفلق من ضربك البحر وتفرق من كمال قدرتنا وهيبتنا فادخل أنت اصالة ومن معك تبعا لك بلا خشية وخوف من الغرق فاعبروا سالمين

وَاتْرُكِ الْبَحْرَ بعد عبوركم رَهْواً ذا فجوة وانفلاق ولا تقصد الى اجتماعه ولا تدع بجمعه خوفا من عبورهم ولا تضربه بالعصاء ليجتمع كما ضربته بها لانفلاقه وبالجملة لا تخف من ضررهم واضرارهم إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ بعد دخولهم البتة فلا تخف منهم ومن ادراكهم ولا تحزن من اقتحامهم على الفور ففعل موسى عليه السلام كذلك فعبروا سالمين وترك البحر على هيئته فاقتحمه فرعون وجنوده بأجمعهم اغترارا بعبورهم وبافتراق البحر وانفلاقه فلما دخلوا جميعا مزدحمين اتصل البحر فغرقوا بالكلية وبعد ما هلكوا

كَمْ تَرَكُوا اى كثيرا تركوا مِنْ جَنَّاتٍ متنزهات بهية وَعُيُونٍ جاريات فيها

وَزُرُوعٍ كثيرة في حواليها وَمَقامٍ كَرِيمٍ اى محافل مزينة ومنازل حسنة في خلالها

وَنَعْمَةٍ وافرة اى اسباب تنعم وترفه من الامتعة والنسوان قد كانُوا فِيها اى في الجنات فاكِهِينَ متنعمين مترفهين

كَذلِكَ فعلنا معهم من كمال قدرتنا بعد ما أردنا إهلاكهم وانتقامهم بسبب تكذيبهم واستكبارهم على رسولنا وهكذا نفعل مع كل مكذب متكبر لا يؤمن بيوم الحساب وَبعد ما تركوا الكل على ما كان وهلكوا قد أَوْرَثْناها اى تلك الجنات وما يتفرع عليها من المستلذات المتروكات قَوْماً آخَرِينَ لا قرابة بينهم نسبا ودينا وهم بنوا إسرائيل وبعد ما هلكوا واستؤصلوا

فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ اى لم تبكيا ولم تعتدا بهلاكهم واستئصالهم مثل اعتدادهما لهلاك المؤمنين وفقدهم قال صلّى الله عليه وسلّم ما من عبد مؤمن الا له في السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله فإذا مات فقداه وبكيا عليه وعن المرتضى الأكبر كرم الله وجهه إذا مات المؤمن بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء وَهم من غاية انهماكهم في الغي والضلال واستيحالهم بالمقت والهلاك ما كانُوا مُنْظَرِينَ ممهلين مؤخرين الى وقت آخر بل اخذتهم العزة باثمهم بحيث لا يمهلهم الله ولا يسوف عليهم ساعة

وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ وهو استعبادهم وقتل أبنائهم واستحياء نسائهم استذلالا بهم واستهانة عليهم وانما نجيناهم كرامة منا إياهم وامتنانا عليهم وكيف لا يهينهم العذاب النازل عليهم الناشئ

مِنْ فِرْعَوْنَ الطاغي المتجبر المتكبر على الأرض إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ عموم الْمُسْرِفِينَ المفسدين

<<  <  ج: ص:  >  >>