للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وازديادهما وانتقاصهما في الفصول الاربعة حسب الأوضاع الفلكية وأشكالها وبحسب ارتفاع الشمس وانحطاطها وَكذا في ما أَنْزَلَ اللَّهُ المدبر لأمور عباده مِنَ جانب السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ مطر مبشر مؤذن لحصول الرزق بعد تصعيد الابخرة والادخنة وتراكمها سحبا وصيرورتها ماء في غاية الصفاء فَأَحْيا بِهِ اى بانزال المطر الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها يبسها وجفافها وَكذا في تَصْرِيفِ الرِّياحِ السائقة للسحب الى الأراضي الميتة اليابسة بعد ما تعلق ارادته سبحانه باحيائها آياتٌ اى انواع من الدلائل القاطعة والبراهين الساطعة على وحدة القادر العليم الحكيم لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ويستعملون عقولهم في كيفية انبعاث هذه الأوضاع والحركات وارتباط بعضها مع بعض وترتب الأمور الغير المحصورة عليها وانشعاب الحوادث الغير المتناهية منها وتفرعها عليها وبالجملة

تِلْكَ الآيات المجملة الكلية آياتُ اللَّهِ اى بعض من آياته الدالة على نبذ من كمالاته اللائقة لذاته سبحانه والا فلا يفي درك احد من عباده لتفصيل كمالاته كلها نَتْلُوها ونقصها عَلَيْكَ يا أكمل الرسل تأييدا لأمرك وتعظيما لشأنك ملتبسة بِالْحَقِّ بلا ريب فيه وتردد وانما نتلوها عليك يا أكمل الرسل لتبين أنت لمن تبعك من المؤمنين الموحدين طريق توحيدنا وتنبههم على وحدة ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا فَبِأَيِّ حَدِيثٍ اى فهم بأى كلام وقول بَعْدَ نزول كتاب اللَّهِ وَآياتِهِ المنزلة من عنده المبينة لتوحيده يُؤْمِنُونَ يذعنون ويوقنون وبعد ما قد وضح محجة الحق واتضح دلائل توحيده

وَيْلٌ عظيم وهلاك شديد لِكُلِّ أَفَّاكٍ مفتر كذاب أَثِيمٍ منغمس في الإثم والعدوان مغمور في العناد والطغيان الى حيث

يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ الدالة على عظمة ذاته حين تُتْلى عَلَيْهِ سيما مع كمال وضوحها وسطوعها ثُمَّ يُصِرُّ يقوم ويدوم على ما هو عليه من الكفر والضلال مُسْتَكْبِراً بلا علة وسند سوى العناد والاستكبار ويصر من شدة عتوه وعناده حين يسمعها كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها اغترارا بما عنده من الجاه والثروة وبالجملة فَبَشِّرْهُ يا أكمل الرسل جزاء إصراره وعناده بِعَذابٍ أَلِيمٍ في غاية الإيلام ألا وهو انحطاطه عن رتبة الخلافة الانسانية إذ لا عذاب عند العارف أشد من ذلك

وَمن نهاية استكباره واغتراره إِذا عَلِمَ بعد ما بلغ مِنْ آياتِنا الدالة على ضبط الظواهر وتهذيب البواطن شَيْئاً اى آية قد اتَّخَذَها وأخذها من غاية تكبره وتجبره هُزُواً محل استهزاء وسخرية يستهزئ بها ويتهكم عليها أُولئِكَ البعداء الأفاكون الضالون المنحرفون عن منهج الحق وصراطه لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ في الدنيا بإعلاء كلمة الحق واظهار دين الإسلام على الأديان كلها وإغواء الكفر والكفران في مهاوي الهوان ومفاوز الخزي والخسران ومع تلك الاهانة العاجلة

مِنْ وَرائِهِمْ اى قدامهم جَهَنَّمُ العبد والخذلان وسعير الطرد والحرمان وَبالجملة لا يُغْنِي ولا يدفع عَنْهُمْ يومئذ ما كَسَبُوا وجمعوا من الأموال والأولاد والجاه والثروة شَيْئاً من الدفع والإغناء من غضب الله عليهم وَكذا لا ينفعهم مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ الواحد الأحد الصمد المستقل بالالوهية المتفرد بالربوبية أَوْلِياءَ من الأصنام والأوثان يدعون ولايتهم كولاية الله ويعبدونهم كعبادته سبحانه عدوانا وظلما بل وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ بشؤم اتخاذهم لا عذاب أعظم منه وبالجملة

هذا الذي ذكر في كتابك يا أكمل الرسل هُدىً من الله يبين طريق الهداية والرشد لأهل العناية والتوفيق وَالمسرفون الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ المنزلة في كتابك

<<  <  ج: ص:  >  >>