للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نشأتكم الاولى ان خيرا فخير وان شرا فشر وبالجملة

هذا كِتابُنا الذي قد فصلنا فيه أعمالكم على حدة بلا فوت شيء منها يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ ويذكركم بِالْحَقِّ على الوجه الذي صدر عنكم بلا زيادة ونقصان إِنَّا بعد ما كلفناكم على امتثال أوامرنا والاجتناب عن نواهينا قد كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ونأمر الملائكة الموكلين عليكم المراقبين لأحوالكم وأعمالكم ان يكتبوا عموم ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ على التفصيل حسناتها وسيئاتها صغائرها وكبائرها على وجوهها وبعد ما تحاسبون حسب صحائفكم وكتبكم

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا اى قد أذعنوا وأيقنوا بوحدة الحق وصدقوا رسله وكتبه وَمع كمال ايمانهم ويقينهم قد عَمِلُوا الصَّالِحاتِ من الأخلاق والأفعال تقربا الى الله وتأدبا معه سبحانه بما يليق بعبوديته وتعظيم شأنه فَيُدْخِلُهُمْ اليوم رَبُّهُمْ الذي يوفقهم على الايمان والتوحيد فِي سعة رَحْمَتِهِ وفسحة وحدته بفضله ولطفه ذلِكَ الذي بشر به سبحانه عباده المؤمنين المخلصين هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ والفضل العظيم لا فوز أعظم منه وأعلى

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا بالله وأنكروا وحدة ذاته بل اثبتوا له شركاء ظلما وزورا يقال حينئذ من قبل الحق مستفهما على سبيل التوبيخ والتقريع أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ ايها المفسدون المسرفون المفرطون يعنى ألم يأتكم رسلي ولم يتلوا عليكم آياتي الدالة على عظمة ذاتى وكمالات أسمائي وصفاتي ووفور قدرتي وقوتي على انواع الانتقامات والوعيدات التي أخبرتم بها فكذبتم بها وبهم جميعا بل فَاسْتَكْبَرْتُمْ علىّ وعلى رسلي ومن قبول الآيات وتصديقها وَبالجملة قد كُنْتُمْ أنتم في انفسكم قَوْماً مُجْرِمِينَ مستكبرين ليس عادتكم الا الاجرام والعدوان

وَقد كنتم أنتم من نهاية استكباركم واغتراركم بما عندكم من الجاه والثروة إِذا قِيلَ لكم امحاضا للنصح إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ الذي قد وعدكم به على ألسنة رسله وكتبه حَقٌّ ثابت محقق مطابق للواقع لا بد وان يقع الموعود منه سبحانه البتة بلا خلف في وعده وَلا سيما السَّاعَةُ الموعودة آتية لا رَيْبَ فِيها وفي قيامها ووقوعها وأنتم إذا سمعتم هذا قُلْتُمْ على وجه الاستبعاد والاستكبار وانواع الكبر والخيلاء ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ الموعودة وما معنى قيامها ووقوعها وما الايمان بها إِنْ نَظُنُّ اى ما نظن بها وبشأنها إِلَّا ظَنًّا ضعيفا بل وهما مرجوحا سخيفا وما لنا علم بها سوى السماع والاستماع من أفواه الناس وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ بها وبشأنها حتى نؤمن بها وبقيامها ونصدق بما فيها من المواعيد والوعيدات

وَبالجملة قد بَدا لَهُمْ وظهر ولاح وانكشف عندهم بعد ما تبلى السرائر وتكشف الحجب والأستار سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا مصرين عليه وعرفوا وخامة عاقبته وَحينئذ قد حاقَ وأحاط بِهِمْ جزاء ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ على رسل الله وخلص عباده

وَقِيلَ لهم حينئذ من قبل الحق الْيَوْمَ نَنْساكُمْ نترككم في النار خالدين مخلدين كَما كنتم أنتم قد نَسِيتُمْ ونبذتم وراء ظهوركم لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا بل قد انكرتم لقياه مطلقا وكذبتم الرسل المبلغين لكم وأحباركم المنذرين لكم من أهواله وَبالجملة مَأْواكُمُ مرجعكم ومثواكم النَّارُ أبدا مخلدا لا منزل لكم سواها ولا مقام لكم غيرها وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ منقذين لكم منها بعد ما استوجبتم بها بمفاسد أعمالكم ومقابح أفعالكم وبالجملة

ذلِكُمْ الذي قد وقعتم فيها وابتليتم بها بِأَنَّكُمُ اى بسبب انكم قد اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ الدالة على الرشد والهداية هُزُواً محل استهزاء واستهزأتم بها بلا مبالاة بشأنها وانكرتم عليها بلا تأمل

<<  <  ج: ص:  >  >>