للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفكر في برهانها وَبالجملة ما سبب استهزائكم وعدم مبالاتكم بها الا انه قد غَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا ولذاتها وشهواتها الوهمية الفانية الدنية بحيث لا تلتفتون الى العقبى ولذاتها الباقية الابدية بل تنكرون عليها عنادا ومكابرة فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها اى من النار المترتبة على ذلك الاتخاذ والغرور أصلا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ اى لا يمكنهم ان يعتذروا عند الله ويتداركوا ما فوتوا على أنفسهم بالتوبة والانابة إذ قد انقرض ومضى زمانه وبعد ان ثبت ان مرجع الكل الى الله ومحياه ومماته بيده وله ان يثيب ويعاقب عباده بمقتضى فضله وعدله

فَلِلَّهِ على سبيل الاختصاص والتمليك لا لغيره من الوسائل والأسباب العادية الْحَمْدُ المستوعب بجميع الاثنية والمحامد الصادرة من ألسنة ذرائر مظاهره رَبِّ السَّماواتِ اى العلويات وَرَبِّ الْأَرْضِ اى السفليات وكذا رب ما يتركب بينهما من الممتزجات وبالجملة رَبِّ الْعالَمِينَ اى مربى الكل هو بذاته علوا وسفلا بسيطا ومركبا غيبا وشهادة

وَلَهُ الْكِبْرِياءُ والعظمة فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ تدبيرا وتصرفا حلا وعقدا إذ ظهور الكل انما هو من آثار أوصافه وأسمائه وَهُوَ الْعَزِيزُ الغالب على عموم تدابيره وتقاديره وتصاريفه وتصاويره ارادة واختيارا الْحَكِيمُ المتقن في عموم مقدوراته على الوجه الأبلغ الأحكم استحقاقا واستقلالا فعليكم ايها المجبولون على فطرة العبودية والعرفان ان تحمدوا له وتكبروا ذاته وتشكروا نعمه كي تؤدوا شيأ من حقوق كرمه ان كنتم مخلصين مخصصين. جعلنا الله من زمرة الحامدين لله المخلصين له الدين

[خاتمة سورة الجاثية]

عليك ايها السالك المتحقق بمقام الرضاء والتسليم والناسك المنكشف بكمال عظمة الله وكبريائه وبعلو شأنه وبهائه ان تواظب على أداء الشكر له سبحانه دائما ملاحظا نعمه الفائضة المترادفة المتجددة في قيد هويتك وانانيتك الناسوتية قبل فنائك في لاهوتية الحق وبقائك ببقائه إذ علامة العارف الواصل الى ينبوع بحر الوحدة ان لا يرى في ملكة الوجود وعرصة الشهود سواه سبحانه موجودا فلا يتكلم الا به وعنه ومعه وفيه وله ولا يسرى الا نحوه واليه ولا اله الا هو ولا نعبد الا إياه

[سورة الأحقاف]

[فاتحة سورة الأحقاف]

لا يخفى على من انكشف بسلطنة الحق واستيلائه التام على عروش عموم مظاهره ان اثبات الوجود لما سواه سبحانه وادعاء التحقق والثبوت لغيره من الاظلال الهالكة في شمس ذاته انما هو زور ظاهر وقول باطل بلا طائل بل ما ظهر ما ظهر الا من انعكاس اشعة أسمائه وآثار أوصافه الذاتية الصادرة منه سبحانه حسب شئونه وتجلياته الحبية ليستدل به من جبل على فطرة الدراية والشعور على وحدة ذاته وكمال أسمائه وصفاته لذلك خاطب سبحانه حبيبه بما خاطبه به وأوصاه بعد ما تيمن باسمه الأعلى بِسْمِ اللَّهِ المنزل للكلم مفصحا عما عليه قضاؤه وارادته الرَّحْمنِ لعموم عباده يصلح أحوالهم على مقتضى حكمته الرَّحِيمِ لهم يوصلهم الى منبع رحمته وفضاء وحدته

[الآيات]

حم يا من حمل أعباء الرسالة بحولنا وقوتنا ومال الى جناب قدس وحدتنا بالميل الذاتي الحقيقي بعد مساعدة توفيقنا وجذب من لدنا

تَنْزِيلُ الْكِتابِ الذي انزل إليك لتأييد أمرك وضبط شرعك ودينك مِنَ اللَّهِ المطلع بعموم ما في استعدادات عباده الْعَزِيزِ الغالب على جميع ما دخل

<<  <  ج: ص:  >  >>