للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمِلُوا

مخلصين فيه طالبين رضاء الله مجتنبين عن سخطه وَنَتَجاوَزُ سبحانه عَنْ سَيِّئاتِهِمْ بعد ما تابوا ورجعوا نحوه نادمين وبالجملة هم فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ مصاحبون معهم آمنون فائزون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون انجازا لما وعد لهم الحق وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ في النشأة الاولى وبعد ما وصى سبحانه من رعاية حقوق الوالدين وما يترتب عليها من الفوز العظيم عقبه بضده وهو عقوق الوالدين وما يترتب عليه من العذاب الأليم فقال

وَالَّذِي اى والمسرف المفرط المتناهي الذي قالَ لِوالِدَيْهِ من فرط سرفه وعصيانه وشدة عقوقه عليهما حين دعواه الى الايمان والتوحيد واجتهدا ان يخلصاه من الشرك والتقليد وعن اهوال يوم القيامة وافزاعها أُفٍّ لَكُما وهذه الكلمة كناية عن الضجرة المفرطة والردع المتناهي أَتَعِدانِنِي وتخوفانني من العذاب والنكال بعد أَنْ أُخْرَجَ من قبري حيا وَالحال انه قد خَلَتِ ومضت الْقُرُونُ الماضية مِنْ قَبْلِي ولم يخرج احد منهم من قبره حيا فانا ايضا لا اخرج أمثالهم وبالجملة هو من شدة قساوته ونهاية شقاوته يصر على هذا وَهُما من غاية ترحمهما وتحننهما يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ ويطلبان الغوث والتوفيق منه سبحانه لأجله قائلين له على وجه المبالغة في التخويف وَيْلَكَ اى ويل لك وهلاك ينزل عليك ايها المسرف المفرط لو لم تؤمن آمِنْ بالله وبجميع ما جاء من عنده في النشأة الاولى والاخرى إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ بعموم المواعيد والوعيدات الصادرة منه سبحانه على ألسنة رسله وكتبه حَقٌّ لا خلف فيه وسينجزه الله القادر المقتدر على وجوه الانعام والانتقام فَيَقُولُ بعد ما سمع من شدة إصراره وإنكاره ما هذا الذي أنتما جئتما به على سبيل العظة والتذكير إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اى أباطيلهم الزائغة الزائلة الزاهقة التي قد سطروها في كتبهم ودواوينهم بمجرد الترغيب والترهيب وبالجملة

أُولئِكَ الأشقياء المردودون عن ساحة عز القبول هم الَّذِينَ حَقَّ قد ثبت وتحقق عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ والحكم من الله المطلع بما في صدور عباده من الغل والغواية الراسخة بأنهم اصحاب النار معدودون فِي زمرة أُمَمٍ هالكة مستحقة للعذاب والبوار قَدْ خَلَتْ ومضت مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ اى من جنسهما وبالجملة إِنَّهُمْ بأجمعهم قد كانُوا خاسِرِينَ مضيعين على أنفسهم الكرامة الانسانية ورتبة الخلافة الإلهية المودعة في نشأتهم

وَاعلموا انه لِكُلٍّ من المحقين والمبطلين دَرَجاتٌ من الثواب والعقاب متفاوتة شدة وضعفا رفعة ودناءة منتشئ كلها مِمَّا عَمِلُوا مترتبة عليه خيرا كان او شرا حسنات او سيئات وَكل منهم متعلق بعمله ومشاكل معه مجزى بمقتضاه وما ذلك الا لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ ويوفر عليهم جزاءها المترتب عليها درجات كانت او دركات وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ لا بالزيادة ولا بالنقصان على أجور ما كسبوا

وَاذكر لهم يا أكمل الرسل يَوْمَ يُعْرَضُ المسرفون الَّذِينَ كَفَرُوا بالحق واعرضوا عنه وعن اهله عَلَى النَّارِ المسعرة المعدة للكافرين المعرضين فيقال لهم حينئذ على سبيل التوبيخ والتشنيع أنتم قد أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ من اللذائذ وتلذذتم بها فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فيها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ بدلها عَذابَ الْهُونِ المهين المذل بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ على عباد الله بِغَيْرِ الْحَقِّ يعنى بدل تعززكم وتعظمكم بها في دار الدنيا وكبركم وخيلائكم على ضعفاء العباد وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ تخرجون عن مقتضى الحدود الإلهية ظلما وزورا

وَاذْكُرْ يا أكمل الرسل أَخا عادٍ اى اذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>