للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيأ من الإغناء اى ما أفاد لهم هذه الآيات العجيبة الشأن شيأ من الفائدة التي هي إنقاذهم عن الجهل بالله وعن الضلال في طريق توحيده إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ وينكرون بمقتضى جهلهم المركب المركوز في جبلتهم أمثالكم ايها الجاحدون بِآياتِ اللَّهِ ودلائل توحيده ويستهزؤن بها وبمن أنزلت اليه من الرسل وَلذلك قد حاقَ وأحاط بِهِمْ وبال ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ عاجلا وسيحيقهم وينزل عليهم وعليكم ايضا ايها المسرفون المفرطون آجلا بأضعافه وآلافه

وَبالجملة لَقَدْ أَهْلَكْنا وخربنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى الهالكة كعاد وثمود وغيرهما لتعتبروا منها وتتعظوا بما لحق باهلها من انواع العذاب والبليات وَبالجملة قد صَرَّفْنَا الْآياتِ الدالة على كمال قدرتنا واختيارنا وكررناها مرارا وتلوناها عليهم تكرارا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إلينا منخلعين عن مقتضيات وجوداتهم الباطلة وهوياتهم العاطلة ومع ذلك لم يرجعوا ولم ينخلعوا

فَلَوْلا نَصَرَهُمُ اى هلا نصرهم ومنعهم من الهلاك والإهلاك شفعاؤهم الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ الواحد الأحد الصمد الفرد وقت يوالونهم قُرْباناً مع انهم قد اعتقدوهم آلِهَةً شركاء مع الله في الألوهية والربوبية لذلك تقربوا إليهم وتوجهوا نحوهم في عموم الملمات مع انه ما ينفعونهم لدى الحاجة إليهم والى نصرهم بَلْ ضَلُّوا وغابوا عَنْهُمْ فأنى ينصرونهم ويدفعون عنهم ما يضرهم وَبالجملة ذلِكَ الذي اعتقدوا في شأنهم هكذا ما هو الا إِفْكُهُمْ اى صرفهم عن الحق واعراضهم عنه وميلهم الى الباطل وإصرارهم فيه وَما كانُوا يَفْتَرُونَ اى ليس الا افتراؤهم على الله بإثبات الشريك له والمشاركة معه تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا

وَاذكر يا أكمل الرسل لمن عاندك وكذبك إلزاما لهم وتبكيتا وقت إِذْ صَرَفْنا وأملنا إِلَيْكَ يا أكمل الرسل تأييدا لك ولشأنك نَفَراً جماعة مِنَ الْجِنِّ حال كونهم يَسْتَمِعُونَ منك الْقُرْآنَ حين قرأته في خلال صلواتك وتهجداتك في خلواتك فَلَمَّا حَضَرُوهُ اى القرآن وسمعوه وتعجبوا من حسن نظمه وسياقه وسوقه وكمال بلاغته وفصاحته قالُوا اى قال بعضهم لبعض أَنْصِتُوا ولا تخالطوا أصواتكم ايها المستمعون حتى نسمع على وجهه إذ هو كلام عجيب في أعلى مرتبة البلاغة والبراعة فَلَمَّا قُضِيَ وتم قراءته وفهموا معناه وفحواه وَلَّوْا وانصرفوا ورجعوا إِلى قَوْمِهِمْ حال كونهم مُنْذِرِينَ ومبشرين بما يفهمون منه من التبشيرات والإنذارات والمواعد والوعيدات القوم الذين قد بلغوا حد التكليف من إخوانهم فينذرونهم بها عن الضلال والانحراف عن طريق الحق ويبشرونهم بها الى ما يوصلهم اليه حيث

قالُوا اى النفر المستمعون مبشرين لإخوانهم يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً عجيبا سماويا عربيا نظما وأسلوبا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ كتاب مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ اى جميع الكتب السالفة السماوية شأنه انه يَهْدِي إِلَى توحيد الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يوصل الى وحدة ذاته بلا عوج وانحراف وهذا الكتاب العجيب الشأن الجلى البرهان منزل الى داع من العرب منتشئ من بنى عدنان اسمه محمد عليه الصلاة والسلام يدعو قاطبة للأنام الى دين الإسلام بوحي الله العليم العلام القدوس السلام

يا قَوْمَنا أَجِيبُوا أنتم ايضا داعِيَ اللَّهِ يعنى محمدا صلّى الله عليه وسلّم وقبلوا منه دعوته الى توحيد الحق ودين الإسلام وَآمِنُوا بِهِ وبكتابه الذي انزل اليه لتبيين دينه وتأييد امره يَغْفِرْ لَكُمْ سبحانه مِنْ ذُنُوبِكُمْ اى جميعها ان تبتم ورجعتم نحوه مخلصين وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ هو عذاب النار إذ لا عذاب

<<  <  ج: ص:  >  >>