للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اى ان تجعلهم مهتدين مهديين الى طريق الحق بل ما عليك الا الإرشاد والتنبيه على مسالك التوحيد والترغيب على محاسن الأوامر المتعلقة به والترهيب عن مقابح المناهي المنافية له وَلكِنَّ اللَّهَ الهادي للكل يَهْدِي بتوفيقه مَنْ يَشاءُ من عباده الى الصراط المستقيم ليوصلهم الى بابه وَقل لهم يا أكمل الرسل نيابة عنا ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ صدقة او نذر فَلِأَنْفُسِكُمْ اى فهو لكم ونفعه عائد إليكم فلا تبطلوا نفعه بالمن والأذى ولا تنفقوا الردى الخبيث لئلا تنقصوا من نفعكم وانتفاعكم بها وَقل لهم ايضا خير انفاقكم انكم ما تُنْفِقُونَ شيأ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ طلبا لرضاه شكرا لنعمه وهاربا عما يشغلكم عن الحق مائلا عن مطلق الجزاء ولا جزاء أعظم من مطالعة وجهه الكريم وَاعلموا ان ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ على هذا الوجه يُوَفَّ إِلَيْكُمْ جزاؤه فوق ما يصفه السنة مصنوعات الكريم وتدركه عقولهم وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ اى لا تنقصون ولا تخسرون في هذه المعاملة مع الله ومتى عرفتم أنتم خير الانفاق فعليكم ان تعرفوا خير من ينفق اليه فاجعلوا انفاقكم

لِلْفُقَراءِ العرفاء الأمناء الَّذِينَ أُحْصِرُوا اى قد تقرروا وتمكنوا مستغرقين متحيرين فِي سَبِيلِ اللَّهِ متشمرين للفناء فيه باذلين مهجهم في طريق توحيده بحيث لا يَسْتَطِيعُونَ من غاية استغراقهم في مطالعة جماله ضَرْباً فِي الْأَرْضِ لطلب الرزق الصوري ومن غاية استغنائهم عن الدنيا وما فيها يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ بحالهم أَغْنِياءَ مِنَ كمال التَّعَفُّفِ المرتكز في جبلتهم بحيث تَعْرِفُهُمْ وتنتبه على حالهم واحتياجهم ايها المؤمن المنفق لرضاء الله بِسِيماهُمْ من ضعف القوى ورثاثة الحال وبالجملة هم من غاية رجوعهم وركونهم عن الدنيا وما فيها نحو المولى لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ ولا يطلبون منهم حوائجهم وكفافهم إِلْحافاً جهارا إلحاحا متمنين راجين منهم مما عندهم بل رزقهم على الله يرزقهم من حيث لا يحتسب وبعد ما سمعتم أوصاف أولئك الوالهين في مطالعة جمال الله وجلاله بادروا الى تقوية أمزجتهم وتربية طباعهم بما عندكم من الرزق الصوري ليتمكن لهم الوصول الى الدرجة العليا والسعادة العظمى التي لا مرتبة أعظم منها وأعلى وَاعلموا ايها المنفقون ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ سيما لهؤلاء العظماء الكرام فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ بذاته عَلِيمٌ يجازيكم بمقتضى علمه بإحسانكم وإخلاصكم فيه ربنا اجعلنا من خدامهم وتراب اقدامهم وبالجملة المؤمنون الموقنون المحسنون

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ المنسوبة إليهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً اى في عموم أوقاتهم وحالاتهم طلبا لمرضاة الله وهربا عما يشغلهم عن مطالعة جماله فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ حسب قابليتهم واستعدادهم وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من التضييع والإحباط وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ من سوء المنقلب والمآب

ثم قال سبحانه المفسدون المسرفون المفرطون الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا وهي عبارة عن تنمية المال بأسوء الطرق وأقبح السبل المؤدى الى إضرار الأخ المسلم وإتلاف ماله وإخراجه من يده مجانا بلا رعاية غبطته وجانبه أصلا وهم لا يَقُومُونَ في يوم البعث والحشر إِلَّا كَما يَقُومُ الشخص الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ اى الجن مِنَ الْمَسِّ في النوم كيف يقوم مصروعا حائرا مضطربا متهتكا قلقا هائلا هائما وما ذلِكَ الا بِأَنَّهُمْ اى بشؤم ما قالُوا في نفوسهم مصرين معتقدين إِنَّمَا الْبَيْعُ في التنمية والزيادة مِثْلُ الرِّبا وهما سيان في الازدياد والنمو وَمن اين أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وما يترتب عليه من الربح وَحَرَّمَ الرِّبا مع ان رضاء المتعاقدين حاصل فيها من كلا الجانبين وبالجملة فَمَنْ جاءَهُ وبلغه مَوْعِظَةٌ مِنْ قبل رَبِّهِ فَانْتَهى

<<  <  ج: ص:  >  >>