للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتُنْفِقُوا

مما أنتم مستخلفون فيه فِي سَبِيلِ اللَّهِ كي تفوزوا بالمثوبة العظمى والكرامة الكبرى عنده سبحانه وتصلوا الى ما جبلتم لأجله وبعد ما وصل الدعوة إليكم فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ اى يمنع ولم يعط بل يظهر ما يضمر في نفسه من الحقد والضغن وَبالجملة مَنْ يَبْخَلُ من ماله بعد ما امر بإنفاقه فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ إذ نفع الانفاق وضرر البخل كلاهما عائدان الى نفسه وَبالجملة اللَّهُ الْغَنِيُّ المستغنى بذاته عن عموم صدقاتكم وزكواتكم بل عن مطلق طاعاتكم وعباداتكم وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ المقصورون على الفقر والاحتياج الذاتي الى ما عنده سبحانه من انواع الانعام والإحسان وَبعد ما قد بلغت لهم يا أكمل الرسل ما بلغت من مقتضيات الوحى والإلهام الإلهي قل لهم إِنْ تَتَوَلَّوْا وتنصرفوا عن الايمان والامتثال لعموم المأمورات يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ اى يهلككم ويقم بدلكم قوما يؤمنون ويقومون بامتثال عموم الأوامر والنواهي ثُمَّ لما علم المستبدلون منكم واعتبروا مما جرى عليكم وشاهدوا مقتكم وهلاككم بأمثال هذا التولي والانصرافات لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ كافرين بالله كفارا لنعمه مضيعين لحقوق كرمه. جعلنا الله من زمرة الشاكرين الممتثلين بأوامره المجتنبين عن نواهيه بمنه وجوده

خاتمة سورة محمد صلّى الله عليه وسلّم

عليك ايها القاصد نحو طريق التوحيد العازم على سلوك سبيل الفناء في الله المثمر للبقاء الذاتي أوصلك الله الى غاية مبتغاك ونهاية متمناك ان تعدل في عموم اوصافك واخلاقك سيما في احوالك التي تتعلق بالإنفاق المأمور عليك بمقتضى الحكمة والعدالة الإلهية الناشئة من الله عن محض الارادة والرضا إياك إياك البخل والتقتير فانه الجالب لحلول غضب الله ونزول انواع سخطه حسب قهره وجلاله فعليك الامتثال بالمأمور والاتكال على الملك الرحيم الغفور

[سورة الفتح]

[فاتحة سورة الفتح]

لا يخفى على ارباب السكينة والوقار من الفائزين بسرائر التوحيد المنكشفين باسرار الربوبية والإلهية ان من استقام على طريق الحق متوكلا عليه مفوضا أموره كلها اليه مخلصا في جميع اعماله وأحواله مستويا على منهج العدالة المأمورة من قبل ربه فقد فتح عليه سبحانه أبواب اصناف الفتوحات الغيبية وأفاض عليه انواع الكرامات السنية القدسية وأوصله الى الدرجات العلية اللاهوتية وأنقذه من الدركات الهوية الناسوتية الامكانية الجهنمية لذلك قد من سبحانه على حبيبه صلّى الله عليه وسلّم بالفتح والظفر على عموم ما يسر الله له ووفقه عليه من انواع الخيرات والكرامات المنتظرة له واصناف السعادات العاجلة والآجلة متيمنا باسمه الأعلى بِسْمِ اللَّهِ الذي فتح على خلص عباده أبواب المعارف واليقين الرَّحْمنِ عليهم بافاضة التسليم والعقل المنشعب من حضرة علمه ليهديهم الى صراط مستقيم الرَّحِيمِ عليهم يوصلهم الى مقر التوحيد ليتمكنوا في روضة الرضاء وجنة التسليم

[الآيات]

إِنَّا من مقام عظيم فضلنا وجودنا معك يا أكمل الرسل قد فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ظاهرا عظيما بان ألهمنا عليك وأوضحنا لك طريق الخروج عن مضيق الإمكان الى سعة فضاء الوجوب ويسرنا لك الترقي والعروج من حضيض الجهل واودية الضلال الى ذروة العلم وأوج الوصال وانما فتحنا لك ما فتحنا

لِيَغْفِرَ لَكَ ويستر عليك اللَّهُ المحيط بعموم احوالك وشئونك ما تَقَدَّمَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>