للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّا كُنَّا قَبْلُ اى قبل انكشافنا بسرائر التوحيد فِي أَهْلِنا اى بين أبناء الدنيا مُشْفِقِينَ خائفين عن غضب الله محترزين عن عصيانه وطغيانه مشتغلين بطاعته وجلين عن بطشه وسخطه وعن سطوة سلطنة قهره وجلاله راجين من سعة رحمته وموائد جوده وكرمه

فَمَنَّ اللَّهُ المكرم المتفضل عَلَيْنا وهدانا الى طريق التوحيد ووفقنا للعروج الى معارج العناية والتحقيق وَوَقانا بلطفه عَذابَ السَّمُومِ اى عن عذاب النار المحرقة النافذة في عموم المسامات مثل السموم

إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ في دار الدنيا قبل حلول الساعة وقيام القيامة نَدْعُوهُ سبحانه ونتضرع نحوه ونسأل منه الحفظ والوقاية من عذابه ونكاله سبحانه في هذا اليوم الهائل الموعود وكيف لا نسأل منه إِنَّهُ سبحانه هُوَ الْبَرُّ المحسن المخصوص المنحصر على الإحسان والانعام الرَّحِيمُ كثير الرحمة والامتنان سيما على السائلين المؤملين المستحقين فأجاب سبحانه سؤالنا وأنجح آمالنا بمقتضى سعة رحمته وجوده وبعد ما قد سمعت يا أكمل الرسل ما سمعت من فضل الله ولطفه وسعة رحمته وجوده مع أوليائه

فَذَكِّرْ واثبت أنت على العظة والتذكير لعموم عباد الله وبلغهم عموم ما اوحى إليك من لدنا ولا تبال باعراضهم وانصرافهم عنك وبقولهم الباطل في حقك فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ التي هي الآيات المنزلة إليك الملهمة لك من ربك بِكاهِنٍ مبتدع مجترئ على الاخبار عن المغيبات بلا وحى من قبل الحق والهام من جانبه وَلا مَجْنُونٍ مختل العقل مخبط الرأى كما يزعم في شأنك المسرفون المفترون المفرطون

أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ يعنى بل لا تلتفت يا أكمل الرسل ايضا الى قولهم بانك شاعر فصيح بليغ قد بلغت الى درجة أعلى من البلاغة بحيث قد عجز عن معارضتك اقرانك من البلغاء فنحن نَتَرَبَّصُ وننتظر بِهِ اى بانقضائه وهلاكه رَيْبَ الْمَنُونِ اى مر الأيام وكر الشهور والأعوام الى ان يموت فنتخلص يومئذ من فتنته وشدته

قُلْ لهم يا أكمل الرسل على سبيل المجاراة بعد ما سمعت منهم ما سمعت تَرَبَّصُوا وانتظروا لمقتي وموتى ايها المفسدون المفرطون فَإِنِّي ايضا مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ المنتظرين لمقتكم وهلاككم والأمر بيد الله والحكم مفوض الى مشيته موكول الى ارادته يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد

أَمْ يكابرون في هذه الاحكام المتناقضة مجادلة ومراء إذ ينسبونك مرة الى الكهانة المتضمنة لكمال الفطانة ومرة الى الجنون المنبئ عن نهاية البلادة وتارة الى الشعر المستلزم لحفظ الوزن والقافية مع ان ما جئت به من الكلام عار عن الوزن خال عن القافية مطلقا بل تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ السخيفة المستمدة من اوهامهم الضعيفة بِهذا القول الباطل الزاهق الزائل أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ باغون متناهون في العتو والفساد والعناد وقد صدر عنهم أمثال هذه الهذيانات بلا تأمل وتدبر بمقتضى عتوهم وثروتهم وكبرهم وخيلائهم كما هو عادة ارباب النخوة واصحاب الجاه والثروة خذلهم الله واهلكهم بها

أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ واختلقه من تلقاء نفسه ونسبه الى الوحى والإلهام تغريرا وتزويرا بَلْ معظم أمرهم وقصارى رأيهم ومآل شأنهم انهم لا يُؤْمِنُونَ لا به ولا بك يا أكمل الرسل لذلك يتفوهون بأمثال هذه المطاعن والقوادح من شدة شكيمتهم وغلظ غيظهم وضغينتهم معك وبعد ما قد بالغوا في القدح والطعن وبلغوا غاية الإنكار والإصرار قل لهم يا أكمل الرسل على وجه التعجيز والتبكيت

فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ أولئك المسرفون المفرطون إِنْ كانُوا صادِقِينَ في زعمهم ومفترياتهم مع انهم لم يأتوا بل لا يتأتى منهم الإتيان ايضا وان

<<  <  ج: ص:  >  >>