للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يطرأ عليه التردد والتذبذب مطلقا وَبالجملة جَنَى الْجَنَّتَيْنِ اى ما أخذ منهما والتلذذ والتنعم بثمارهما دانٍ قريب إذ لا ترقب ولا انتظار في اليقين الحقي بل هو اقرب الى العارف المحقق من نفسه بعد ما وصل اليه وحصل دونه

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

فِيهِنَّ اى في الجنان المعدة لأرباب العناية والامتنان مخدرات المعارف والحقائق الواردة على قلوبهم حسب استعداداتهم المتفاوتة قاصِراتُ الطَّرْفِ اى كل منهن منحصرة الطرف مقصورة النظر على كل من ترد عليه بحيث لا تتعدى الى غيره لاختلاف قابلياتهم حسب الفطرة الاصلية بمقتضى اختلاف تجليات الحق وشئونه بحيث لَمْ يَطْمِثْهُنَّ ولم يتلذذ معهن إِنْسٌ قَبْلَهُمْ ولا بعدهم وَلا جَانٌّ كذلك إذ مراتب الشهود بمقتضى تجليات الوجود وتطوراته فكما لا تكرر ولا اتحاد بين اثنين في التجليات الإلهية كذلك في مراتب ارباب الشهود القابلين لها المستعدين إليها

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

كَأَنَّهُنَّ اى تلك المعارف والحالات من كمال الصفاء والنزاهة والجلاء الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ الساران لأرباب النظر والعيان

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وبالجملة

هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ في الأعمال والأحوال وعموم الشيم والأخلاق إِلَّا الْإِحْسانُ من الله والرضوان منه سبحانه على سبيل التفضل والامتنان

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ وهاتان الجنتان المذكورتان مع ما فيهما من المقامات العلية والدرجات السنية للخائفين من الله ومن سطوة قهره وجلاله في عموم أحوالهم وأطوارهم المفوضين المتوكلين عليه سبحانه في مطلق شئونهم وتقلباتهم الراجين منه سبحانه رضاه عنهم بمقتضى لطفه وجماله

وَمِنْ دُونِهِما اى من دون الجنتين المذكورتين أدون منهما وانزل رتبة جَنَّتانِ أخريان ايضا المعدتان للأبرار المحسنين بالأخلاق والأعمال المتشبثين بأذيال الأماني والآمال حسب الحوائج والأغراض

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فهاتان الجنتان وان لم تكونا مثل تينك الجنتين المذكورتين في الأثمار والأشجار والمعارف والأسرار الا انهما

مُدْهامَّتانِ خضراوان نضارتان بمياه الأعمال الصالحة والأخلاق الحميدة الصادرة من الأبرار الأخيار المحسنين المتمسكين بشعائر الشرع ومعالم الدين المستبين

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

هِما

اى في هاتين الجنتين المعدتين للأبراريْنانِ

منتشئتان من الاعتقاد الصادق والايمان الكامل ضَّاخَتانِ

فوارتان منتهيتان الى بحر الحكمة المتقنة الإلهية

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

فِيهِما ايضا فاكِهَةٌ كثيرة يتفكه بها أهلهما وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ عطفهما على الفاكهة من قبيل عطف الخاص على العام لمجرد الاعتناء والاهتمام

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ

فِيهِنَّ اى في جنات هؤلاء الأبرار ايضا خَيْراتٌ اى ازواج خيرات مصورة من مثوبات الأعمال والطاعات حِسانٌ اى لا قبح معهن بوجه من الوجوه

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ومثوبات اعمال الأبرار وأخلاقهم وما يترتب عليها وان لم تكن في الصفاء واللطافة كمخدرات الخائفين الا انهم

حُورٌ حسنة الوجوه مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ اى مقصور كل منهن على كل من اتى بالأعمال الصالحة والأخلاق المرضية بحيث لا يتعدى الى الغير إذ كل نفس رهينة بما كسبت خيرا كان او شرا

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها الممنونان المكلفان وهؤلاء ايضا

لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ إذ كل منهن مقصورة منحصرة على اعمال كل منهم بلا شركة

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ايها المعتبران المستبصران. ثم انهم اى الأبرار يتنعمون بما أعد لهم من النعم العظام

مُتَّكِئِينَ متقررين عَلى رَفْرَفٍ وسائد وبسط خُضْرٍ مخضرة بمياه ايمانهم الخالص

<<  <  ج: ص:  >  >>