للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للمعتبرين من المكلفين وقت

[الآيات]

إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ العظمى الموعودة وحدثت الطامة الكبرى المعهودة من لدنه سبحانه مع انه

لَيْسَ لِوَقْعَتِها حين وقوعها نفس كاذِبَةٌ تكذب وقوعها كما تكذب بها الآن وليس ايضا لوقوعها حين وقوعها نفس

خافِضَةٌ لها تخفض أمرها بالتردد فيها ولا نفس رافِعَةٌ ترفعها بالجزم بها بل قد وقعت حين وقعت حتما بلا ريب وتردد بلا خفض احد ولا رفع آخر اذكر يا أكمل الرسل لمن أنكر وقوعها وتردد فيها نبذا من اماراتها وأشراطها تنبيها وتوعيدا سيما وقت

إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا تحريكا شديدا عنيفا بحيث قد انهدمت واندكت عموم ما عليها من الابنية المحكمة والبقاع المشيدة

وَبُسَّتِ الْجِبالُ اى تشتتت وتفتتت اجزاؤها بَسًّا اى تفتتا تاما وتشتتا كاملا بحيث اضمحلت اجزاؤها وتلاشت وصارت كالسويق الملتوت وبالجملة

فَكانَتْ الجبال الرواسي يومئذ هَباءً هشيما غبارا مُنْبَثًّا منتشرا متفرقا بحيث قد تلاشت هويات ما على الأرض مطلقا

وَكُنْتُمْ حينئذ ايها المكلفون المعتبرون المجبولون على فطرة الدراية والشعور أَزْواجاً أجناسا وأصنافا ثَلاثَةً في النشأة الاولى

فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ واليمن والكرامة من الأخيار الأبرار المحسنين بصوالح الأعمال والأحوال ومحامد الأخلاق والأطوار ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ اى ما أعظم شأنهم وأكرمهم واحسن حالهم بينهم وسعادتهم الشاملة لهم حسب اتصافهم بصالحات الأعمال وبالاعتقادات الصحيحة والأخلاق الحميدة المرضية

وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ والشمال اى ملازمو الشآمة والملامة والخذلان والندامة من المفسدين المسرفين المصرين على انواع الكفر والفسوق واصناف العصيان والآثام من مفاسد العقائد وطوالح الأعمال ومتخالج الشيم والأخلاق

ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ اى ما أقبح حالهم وأشد عذابهم ونكالهم وشآمتهم وشقاوتهم المستمرة عليهم بشؤم مكاسبهم ومفاسدهم

وَالسَّابِقُونَ المبادرون نحو الحق من طريق الفناء الباذلون مهجهم في سبيله بالموت الإرادي شوقا الى لقائه هم السَّابِقُونَ المقصورون على السبق والحضور مع الله بلا توجه منهم الى لوازم هوياتهم الباطلة وهياكلهم العاطلة وبالجملة

أُولئِكَ السعداء المقبولون هم الْمُقَرَّبُونَ عند الله الواصلون اليه الفانون في فضاء وحدته المتنعمون

فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ اى متنزهات التوحيد الذاتي التي هي عبارة عن اليقين العلمي والعيني والحقي وهؤلاء المقربون الواصلون الى مقر الوحدة متفاوتون في القلة والكثرة باعتبار درجاتهم العلية ومقاماتهم السنية حسب مسالكهم ومعارجهم لذلك

ثُلَّةٌ اى جماعة عظيمة مِنَ الْأَوَّلِينَ من الأمم السالفة وهم الأبرار المحسنون الذين تقربوا نحو الحق بتوحيد الصفات والأفعال

وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ اى جمع قليل بالنسبة الى الأولين من امة محمد صلّى الله عليه وسلم وهم الذين قد وصلوا بل اتصلوا الى الله سبحانه من طريق توحيد الذات المسقط لعموم الإضافات والكثرات وهؤلاء أعز واقل وجودا بالنسبة الى الأمم السالفة لذلك وصفوا بالقلة وبالجملة كل منهم مع تفاوت طبقاتهم في متنزهات الوحدة متنعمون متمكنون

عَلى سُرُرٍ مصورة من صفاء عقائدهم وحالاتهم مَوْضُونَةٍ منسوجة مشبكة بالمعارف والحقائق حسب درجاتهم ومقاماتهم حال كونهم

مُتَّكِئِينَ عَلَيْها اى على تلك السرر مُتَقابِلِينَ مع عموم كمالاتهم متلذذين بها بلا ترقب وانتظار ومع ذلك

يَطُوفُ عَلَيْهِمْ للموانسة والخدمة وِلْدانٌ صباح ملاح مصورون من أعمالهم وأخلاقهم مُخَلَّدُونَ مستمرون على تلك الصور الصبيحة والهياكل المليحة بحيث لا يتحولون ولا يتغيرون منها أصلا

<<  <  ج: ص:  >  >>