للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتغير ملاح الدنيا

بِأَكْوابٍ يعنى يطوفون عليهم بكئوس لا عرى لها وَأَبارِيقَ وهي التي لها عرى مملوة من ماء الحياة المثمرة للعلوم اللدنية لشاربيها وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ اى كأس مملو من رحيق التحقيق وبرد اليقين الذي

لا يُصَدَّعُونَ عَنْها ولا يشوشون في تحصيلها كما في تحصيل العلوم الرسمية المكتسبة بأنواع العذاب وَلا يُنْزِفُونَ ولا يسكرون الى حيث ينقطع تلذذهم بها من غاية سكرهم كما في خمور الدنيا وفي سكر العلوم الرسمية بالنسبة الى المتلذذين بها

وَفاكِهَةٍ كثيرة مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ اى يختارون وينتخبون لأنفسهم من انواع المعارف والحقائق والأحوال والمقامات التي تتلذذ بها أرواحهم من آثار الأسماء والصفات الإلهية

وَلَحْمِ طَيْرٍ يتقوت ويتغذى به أشباحهم مِمَّا يَشْتَهُونَ

وَلهم ايضافيها للخدمة والمؤانسة حُورٌ عِينٌ مصورة من اعتقاداتهم الصحيحة الراسخة

كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ المصون في أصداف أشباحهم وانما يعطون فيها ما يعطون

جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ من الأعمال الصالحة والأخلاق المرضية ومن كمال تنعمهم وامنهم وترفههم

لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً باطلا من الكلام بلا طائل وَلا تَأْثِيماً اى كلاما على سبيل الإلزام والافحام موجبا لانواع الجرائم والآثام

إِلَّا قِيلًا وقولا من كل جانب سَلاماً سَلاماً على الترحيب والتكريم هذا للمقربين السابقين

وَاما أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ اى اصحاب اليمين والكرامة وانواع التعظيم والتكريم فهم ايضا متنعمون

فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ اى نبق لا شوك له لخلوص أعمالهم وحسناتهم عن شوك المن والأذى والسمعة والرياء

وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ اى شجر موز منضد موفور الثمر مرتب من أسفله الى أعلاه لإيفائهم وتوفيرهم في كسب الحسنات

وَظِلٍّ مَمْدُودٍ الهى لا يتقلص ولا ينقص ولا يتفاوت لدوامهم على مواظبة الطاعات وملازمة العبادات

وَماءٍ مَسْكُوبٍ مصبوب لهم اين شاءوا وكيف شاءوا بلا تعب وترقب لأنهم صاروا في الإتيان بالأعمال الصالحة كذلك طلبا لمرضاته سبحانه

وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ مما يتفكه به أرواحهم وأشباحهم لا مَقْطُوعَةٍ منتهية كفواكه الدنيا وَلا مَمْنُوعَةٍ لتساوى نسبتها الى الكل بلا تفاوت وتمانع لأنهم قد أتوا بصوالح الأعمال والأخلاق على الدوام بلا قطع ومنع

وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ممهدة منضد بعضها فوق بعض لرسوخهم وتمكنهم على الاحكام الإلهية المرفوعة المرتفعة حسب الحكم والأسرار المودعة فيها. ثم قال سبحانه على سبيل الامتنان

إِنَّا من مقام عظيم جودنا عليهم قد أَنْشَأْناهُنَّ اى انشأنا لهم في النشأة الاخرى أزواجهم اللاتي كن في حجورهم في النشأة الاولى من صالحات النسوان والأعمال والأخلاق إِنْشاءً بديعا عجيبا

فَجَعَلْناهُنَّ فيها أَبْكاراً بحيث لم يمسهن بشر ولم يتصرف بهن احد

عُرُباً متحننات لأزواجهن أَتْراباً مستويات السن مع أزواجهن في كمال سن الشباب كل ذلك

لِأَصْحابِ الْيَمِينِ من ابرار المحسنين بالأعمال والأخلاق المخلصين فيها ومن هؤلاء الأبرار في الجنات

ثُلَّةٌ عظيمة وجماعة مِنَ الْأَوَّلِينَ اى من الأمم الماضية

وَثُلَّةٌ عظيمة ايضا مِنَ الْآخِرِينَ اى من امة سيد المرسلين إذ طرق الأعمال والأخلاق مشتركة بين الأولين والآخرين بخلاف طرق الأحوال والمواجيد والمشارب والأذواق

وَاما أَصْحابُ الشِّمالِ والشآمة المتصفون بالشقاوة الازلية المنهمكون المتلطخون بالقاذورات الامكانية ما أَصْحابُ الشِّمالِ وما حالهم القبيحة الفضيحة الفظيعة فهم مخلدون

فِي سَمُومٍ نار مسعرة في غاية الحرقة والحرارة بحيث تنفذ في مسامات أشباحهم كالريح السموم مثل نفوذ لوازم الإمكان النافذة

<<  <  ج: ص:  >  >>