للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محفوظ مستور عن نظر المحجوبين ألا وهو حضرة العلم المحيط الإلهي ولوح قضائه المحفوظ لذلك

لا يَمَسُّهُ ولا يتصف بمقتضاه إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ من أوساخ التقليدات والتخمينات وإكدار الأوهام والخيالات العائقة عن الوصول الى صفاء مشرب التوحيد المسقط لعموم الإضافات وكيف يمسه غير اهل الكشف والطهارة الحقيقية مع انه

تَنْزِيلٌ منزل مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ الذي هو في ذاته منزه عن شوائب النقص وسماته مطلقا

أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ العظيم الشأن المنبئ عن محض الحكمة والعرفان أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ متهاونون ايها المسرفون المفرطون

وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ حظكم ونصيبكم من إرشاده وهدايته أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ به جهلا وعنادا اتسرفون وتفرطون في الاجتراء على الله وتكذيب كلامه ورسوله المرسل من عنده ايها المسرفون المفرطون

فَلَوْلا تذكرون وهلا تتعظون به ولأى شيء تضيعون الفرصة ولا تغتنمونها ايها الضالون المضيعون اما تخافون وقت إِذا بَلَغَتِ النفس الْحُلْقُومَ اى لكل منكم ايها المكلفون بأمر الله وحكمه

وَالحال انه أَنْتُمْ ايها الحاضرون حول المحتضر حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ له ولا تعلمون حاله ولا تفهمون ما جرى عليه من سكرات الموت وغمراته وأهواله وافزاعه

وَنَحْنُ حينئذ أَقْرَبُ إِلَيْهِ اى الى المحتضر مِنْكُمْ واعلم بحاله وشغله لا قرب الحلول فيه ولا قرب الاتحاد معه بل قرب ذي الظل الى ظله وذي الصورة الى عكسه ومثاله وَلكِنْ أنتم لا تُبْصِرُونَ ولا تدركون قربنا لا اليه ولا إليكم ايها المحجوبون المحرومون ولا تدركون ايضا ما يجرى عليه من الافزاع والأهوال في وقت الترحال

فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ اى أنتم لو لم تكونوا مضطرين مملوكين مجبورين تحت قهرنا وقدرتنا

تَرْجِعُونَها اى فهلا ترجعون النفس المخرجة البالغة الى الحلقوم الى محلها ولا تمنعونها عن الخروج إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعوى الاستبداد والاستقلال وعدم المبالاة بالصانع القديم الحكيم العليم فهلا تدفعون الأرواح الى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم بل وهلا ترضون بوصولها الى الحلقوم

فَأَمَّا بعد خروج الروح من البدن إِنْ كانَ المتوفى مِنَ الْمُقَرَّبِينَ السابقين من الفرق المشار إليها في أول السورة

فَرَوْحٌ اى موته له راحة ورحمة وإيصال له فوحة ونفحة من نفحات عالم اللاهوت وازالة زحمة عنه عارضة عليه متعلقة به من كسوة ناسوته وَرَيْحانٌ يشمه من فوائح نفس الرحمان وَجَنَّةُ نَعِيمٍ دائم التنعم والترفه في المقام المحمود والحوض المورود في جوار الخلاق الودود

وَأَمَّا إِنْ كانَ المتوفى مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ اى من الأبرار الموصوفين باليمن والكرامة الموروثة له من الأعمال الصالحة والأخلاق المرضية

فَسَلامٌ لَكَ يا ذا اليمن والكرامة مِنْ قبل أَصْحابِ الْيَمِينِ امثالك ترحيبا لك وتكريما

وَأَمَّا إِنْ كانَ المتوفى من اصحاب الشمال والشآمة الازلية والشقاوة الجبلية يعنى مِنَ الْمُكَذِّبِينَ بيوم الدين الضَّالِّينَ المنحرفين عن جادة الاستقامة ومحجة اليقين الموصلة الى دار المقامة ومنزل الكرامة

فَنُزُلٌ اى فله نزل معد مِنْ حَمِيمٍ بدل ما لم يتعطش في النشأة الاولى الى شربة من زلال برد اليقين ولم يشرب جرعة من رحيق التحقيق ورشحة من حلاب المعرفة والتوحيد

وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ اى إدخال نار عظيمة فظيعة بدل ما يتلذذ بنيران الشهوات وبالميل الى المحرمات والمكروهات وبالجملة

إِنَّ هذا الذي ذكر في حق هؤلاء الفرق الثلاث لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ بالنسبة الى ارباب الكشف والشهود المطلعين بمراتب الوجود باليقين العلمي والعيني والحقي

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ اى نزه وقدس يا سيد ارباب الشهود والحضور ذات

<<  <  ج: ص:  >  >>