للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصنام بين قومه وَمن كمال تعظيمنا وتكريمنا إياهما جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ ابدا فَمِنْهُمْ اى بعض قليل من ذريتهما مُهْتَدٍ وَبعض كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن جادة العدالة والقسط الإلهي

ثُمَّ قَفَّيْنا وعقبنا عَلى آثارِهِمْ وبعد انقراضهم بِرُسُلِنا تترى وايدناهم بالكتب والصحف وانواع الآيات والمعجزات وَبعد ما انقرضوا ايضا قد قَفَّيْنا الكل بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وأيدناه بروح القدس وَمن كمال صفوته ونجابة عرقه وطينته قد جَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وآمنوا له وتدينوا بدينه رَأْفَةً عطفا ولينا بالنسبة الى عموم العباد الى حيث يعفون عن القاتل ولا يضربون الضارب والشاتم وَرَحْمَةً يرحمون بها عموم خلق الله وَمن شدة محبتهم ومودتهم بالنسبة الى الله قد اخترعوا رَهْبانِيَّةً وتزهدا يبالغون بها في عموم العبادات الى حيث لا يطعمون ولا يشربون أياما كثيرة ولا ينكحون في مدة اعمارهم قط ولا يختلطون مع الناس بل يوطنون نفوسهم في شعب الجبال وقلب الكهوف والاغوار وانما ابْتَدَعُوها كل ما ابتدعوها من تلقاء أنفسهم بلا رخصة ووحى منا إياهم إذ ما كَتَبْناها اى الرهبانية وما فرضناها وما قدرناها عَلَيْهِمْ حتما في دينهم وكتابهم بل ما اختاروها إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ وطلبا لمرضاته ومع ذلك فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها اى ما وافقت رهبانيتهم بدينهم وبكتابهم إذ قد كفروا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم مع ان الايمان به صلّى الله عليه وسلّم من أعظم معتقدات دينهم وكتابهم فتركوه ظلما وعدوانا وأنكروا عليه صلّى الله عليه وسلّم جهلا وعنادا له فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ بمحمد صلّى الله عليه وسلم أَجْرَهُمْ اى اجر ايمانهم وأعمالهم بأضعاف ما استحقوا وآلافها وَلكن كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ خارجون عن مقتضى دينهم وكتابهم بإنكار محمد صلّى الله عليه وسلم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بالله على مقتضى دين الرسل الماضين صلوات الله عليهم وسلامه المبعوثين لتبيين طريق توحيد الصفات والأفعال اتَّقُوا اللَّهَ الواحد الأحد الصمد الغيور واحذروا عن بطشه بمخالفة امره وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ المرسل من عنده لتبيين طريق توحيده الذاتي يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ نصيبين مِنْ رَحْمَتِهِ سبحانه نصيب عظيم لأيمانكم بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ونصيب آخر لأيمانكم لمن قبله من الرسل وَيَجْعَلْ لَكُمْ سبحانه ببركة ايمانكم بمحمد صلّى الله عليه وسلم نُوراً مقتبسا من مشكاة النبوة والرسالة المخصوصة بالحضرة الختمية الخاتمية المحمدية تَمْشُونَ بِهِ اى بذلك النور الى المحشر وَيَغْفِرْ لَكُمْ سبحانه ببركته ذنوبكم وَبالجملة اللَّهَ الفرد الصمد العليم الحكيم غَفُورٌ لذنوب عباده رَحِيمٌ لهم يرحمهم ويقبل توبتهم ان أخلصوا فيها وانما فعل بهم سبحانه ما فعل من الكرامات المضاعفة

لِئَلَّا يَعْلَمَ اى ليعلم يقينا أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ اى ان الشأن والأمر انهم لا يستطيعون عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ المكرم المفضل وثوابه بان يجلبوه بايمانهم وأعمالهم لو لم يرد سبحانه إتيانه لهم تفضلا وإحسانا وَيعلمون ايضا يقينا أَنَّ الْفَضْلَ المطلق والانعام العام والإحسان الكامل التام بِيَدِ اللَّهِ المتصرف بالاستقلال في ملكه وملكوته بالإرادة والاختيار وفي قبضة قدرته وتحت حكمه وحكمته يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ من عباده ارادة واختيارا وَبالجملة اللَّهِ المتعزز برداء العظمة والكبرياء ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ والطول العميم والكرم الجسيم سيما على ارباب العناية من عباده. جعلنا الله ممن تفضل عليه الحق حسب جوده وكرمه

<<  <  ج: ص:  >  >>