للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي انزل الكتاب وأرسل الرسل إرشادا لعموم العباد الى سبيل المعاد الرَّحْمنِ عليهم بانزال المحكمات المعدة لفيضان اليقين والعرفان الرَّحِيمِ عليهم بانزال المتشابهات المتضمنة للب التوحيد وزبدة التحقيق والإيقان

[الآيات]

الم ايها الإنسان الكامل الأوحدي الأقدسى اللائح على الصورة الرحمانية الملازم الملاحظ لمقتضيات الأوصاف والأسماء الإلهية المتفرعة عليها جميع المظاهر الكونية المشتمل عليها المحيط بها

اللَّهُ اى الذات الواحد الأحد الفرد الصمد المبدع المظهر الموجد الذي لا إِلهَ ولا موجود ولا مظهر في الوجود إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الدائم الثابت الذي لا يقدر حياته الزمان ولا يحصرها المكان إذ لا يشغله شأن عن شأن الْقَيُّومُ الذي لا يعرضه الفتور ولا يعجزه كر الأعوام ومر الدهور

الا وهو الذي نَزَّلَ عَلَيْكَ يا مظهر الكل وأكمل الرسل امتنانا لك الْكِتابَ اى القرآن الجامع الشامل لما في الكائنات أعلاها وأدناها أوليها واخراها ملتبسا بِالْحَقِّ المطابق للواقع مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ من الكتب السالفة المنزلة على الأنبياء الماضين صلوات الله عليهم أجمعين وَأَنْزَلَ ايضا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ على موسى وعيسى عليهما السّلام مصدقين كذلك لعموم ما مضى من الكتب السابقة

مِنْ قَبْلُ اى قبل إنزال القرآن عليك ومن سنته سبحانه إنزال اللاحق مصدقا للسابق لكون الكل هُدىً لِلنَّاسِ اى نازلا من عنده سبحانه لمصلحة الهداية يهديهم الى توحيده الذاتي عند ظهور امارات الغي والضلال وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ ايضا لهذه المصلحة ليفرق الحق من الباطل والهداية من الضلال وآيات الله من تسويلات الشيطان إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ سيما تحققوا بعد نزوله وكذبوا بالرسل المنزلة عليهم الكتب والآيات لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ هو الطرد والحرمان عن ساحة عز التوحيد بسبب انكارهم الآيات الهادية لهم الى طريقه وَبالجملة اللَّهِ الهادي للكل الى زلال توحيده عَزِيزٌ غالب قادر ذُو انْتِقامٍ عظيم وتعذيب شديد على من كفر بآياته واستكبر على من انزل اليه

وكيف لا إِنَّ اللَّهَ المحيط بجميع ما كان ويكون لا يَخْفى عَلَيْهِ ولا يغيب عنه شَيْءٌ مما حدث فِي الْأَرْضِ وَلا مما حدث وكان فِي السَّماءِ من الايمان والكفر والهداية والضلالة وغير ذلك من الأعمال والأحوال الصادرة من العباد فكيف يخفى عليه سبحانه شيء من الأشياء

إذ هُوَ الموجد المصور الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ بقدرته ابتداء فِي الْأَرْحامِ بعد انصبابكم من أصلاب آبائكم إليها كَيْفَ يَشاءُ اى على اى وجه تتعلق به مشيئته وارادته بلا مزاحمة ضد ولا مشاركة احد من شريك وند إذ لا إِلهَ اى لا موجد ولا مصور في الوجود إِلَّا هُوَ يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد بلا منازع له ولا مخاصم دونه بل هو الْعَزِيزُ الغالب على كل ما يشاء الْحَكِيمُ المتقن في كل ما يريد

وكيف لا هُوَ الَّذِي اصطفاك يا أكمل الرسل لرسالته واجتباك لنيابته وخلافته بان أَنْزَلَ عَلَيْكَ تفضلا وامتنانا من عنده لتصديقك وتأييدك الْكِتابَ المعجز لجميع من تحدى وتعارض معك تعظيما لشأنك وفصله بالسور والآيات الدالة على الأمور المتعلقة لأحوال العباد في النشأة الاولى والاخرى إذ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ متعلقة بأحوال عموم العباد وعلى اختلاف طبقاتهم في معاشهم ومعادهم من الاحكام والمعاملات والمعتقدات الجارية فيما بينهم حسب النشأتين هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ واجبة الاقتداء والامتثال لكافة الأنام إياها وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ متعلقة بالمعارف والحقائق المترتبة على الحكم والمصالح المودعة في إيجاب التكليفات والطاعات والعبادات المؤدية إليها بالنسبة الى اولى العزائم

<<  <  ج: ص:  >  >>