للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدام مناجاتكم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم صَدَقاتٍ اى لكل نجوى صدقة ولو كلمة طيبة منبئة عن كمال المحبة والوداد فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا ولم تصدقوا بسبب الإشفاق من الفقر وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اى قبل منكم توبتكم ان صدر عنكم على وجه الندم والإخلاص عن جريمة الإشفاق والتحسر على ما فوتم وبالجملة عفا الله عنكم وتجاوز عن جريمتكم فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ الموقتة المكتوبة لكم وَآتُوا الزَّكاةَ المفروضة المقدرة من أموالكم وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ في عموم الأوامر والنواهي على وجه الإخلاص وَاللَّهُ المطلع بضمائركم ونياتكم خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ اى بعموم أعمالكم وإخلاصكم فيها. ثم أشار سبحانه الى تفضيح المنافقين وتوبيخهم فقال

أَلَمْ تَرَ ايها المعتبر الرائي إِلَى المنافقين الَّذِينَ تَوَلَّوْا اى والوا وتحابوا قَوْماً قد غَضِبَ اللَّهُ المنتقم الغيور عَلَيْهِمْ يعنى اليهود واختاروا موالاتهم وصاحبوا معهم في خلواتهم واشتغلوا بغيبة المؤمنين عندهم مع انهم ما هُمْ اى المنافقون مِنْكُمْ ايها المؤمنون حقيقة وان كانوا منكم ظاهرا وَلا مِنْهُمْ اى ولا من اليهود ظاهرا وان كانوا منهم حقيقة وَمن شدة شقاقهم ونفاقهم يَحْلِفُونَ بالله عَلَى الْكَذِبِ صريحا وهو دعوى الإسلام والإخاء مع المؤمنين وَالحال انهم هُمْ يَعْلَمُونَ كذب أنفسهم ويزورون بحلفهم على المؤمنين تغريرا مع انه لا نفع لحلفهم عند الله ولا يدفع شيأ من عذابه وقت حلوله إليهم إذ

أَعَدَّ اللَّهُ المراقب على عموم أحوالهم لَهُمْ اى للمنافقين الحالفين على الكذب عَذاباً شَدِيداً أشد من عذاب اليهود والمجاهر بالكفر بلا زور وتزوير وبالجملة إِنَّهُمْ اى اهل النفاق من خبث طينتهم وشدة شكيمتهم ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من التمرن على النفاق والإصرار بمعاونة اهل الشرك والشقاق مع دعوى المواخاة والوفاق مع المؤمنين. قيل نزلت في عبد الله ابن نبتل المنافق إذ كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالسا يوما في حجرة من حجراته فقال صلّى الله عليه وسلّم لجلاسه يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار ينظر بعين شيطان فدخل عبد الله بن نبتل وكان ارزق فقال صلّى الله عليه وسلّم علام تشتمني أنت وأصحابك فحلف بالله ما فعل ثم جاء بأصحابه فحلفوا جميعا على الكذب وبالجملة

اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ الكاذبة جُنَّةً وقاية لدمائهم وأموالهم فَصَدُّوا ومنعوا المؤمنين بسبب حلفهم الكاذب عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الذي هو غزوهم وقتالهم في النشأة الاولى فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ في النشأة الاخرى لاستهانتهم بالله بالحلف الكاذب ولا يدفع عنهم الاهانة والعذاب يومئذ أصلا إذ

لَنْ تُغْنِيَ ولن تدفع يومئذ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ عذاب اللَّهِ شَيْئاً بل أُولئِكَ الأشقياء البعداء المنصرفون عن منهج الحق أَصْحابُ النَّارِ ملازموها وملاصقوها ابدا هُمْ فِيها خالِدُونَ مخلدون لا يرجى نجاتهم منها أصلا اذكر لهم يا أكمل الرسل على سبيل التوبيخ والتقريع

يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ القادر المقتدر على الأحياء والاماتة في الإبداء والإعادة جَمِيعاً مجتمعين فيعاتبهم بما صدر عنهم مثل ما عاتبهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم فَيَحْلِفُونَ لَهُ سبحانه حينئذ على انهم مسلمون مؤمنون كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ الأن ايها المؤمنون وَيَحْسَبُونَ حينئذ ايضا أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ من جلب نفع ودفع ضر حاصل من حلفهم الكاذب فيتخيلون انهم يروجون بالحلف الكاذب ما يدعون من الكذب على الله كما يروجون عليكم اليوم ولم يعلموا ان الناقد يومئذ خبير بصير والترويج اليه صعب عسير أَلا اى تنبهوا ايها المؤمنون المخلصون أَنَّهُمْ اى المنافقين هُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>