للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكاذِبُونَ

المقصورون على الكذب والزور والتلبيس والغرور إذ

اسْتَحْوَذَ اى قد غلب واستولى عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ المضل المغوى فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ المنقذ عن الضلال الى الهداية وبالجملة أُولئِكَ الأشقياء المردودون حِزْبُ الشَّيْطانِ اى جنوده واتباعه أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ المقصورون على الخسران المؤبد والحرمان المخلد عن ربح المعرفة واليقين. أعاذنا الله وعموم عباده عن متابعة الشيطان المضل المغوى. ثم قال سبحانه

إِنَّ المفسدين المسرفين الَّذِينَ يُحَادُّونَ ويعادون اللَّهَ وَرَسُولَهُ ويتجاوزون عن الحدود الموضوعة في الشرع بالوضع الإلهي المنزل على رسوله بالوحي والإلهام أُولئِكَ البعداء المتجاوزون المعادون معدودون فِي زمرة الْأَذَلِّينَ اى من جملة من أذل الله وختم على قلبه وجعل على بصره غشاوة ولهم عذاب اليم وكيف لا يعد المتجاوزون عن الحدود الإلهية من الأذلين إذ قد

كَتَبَ اللَّهُ العليم الحكيم واثبت لهم في لوح قضائه بقوله لَأَغْلِبَنَّ البتة أَنَا وَعموم رُسُلِي المرسلين من عندي بالحجج القاطعة ولا يظهر ولا يغلب الا رسله عليهم إِنَّ اللَّهَ المتردي برداء العظمة والكبرياء قَوِيٌّ في ذاته لا حول ولا قوة في الوجود الا منه وبه عَزِيزٌ مقتدر غالب لا يغلب مطلقا في عموم مراداته ومقدوراته. ثم قال سبحانه على سبيل العظة والتذكير لعموم المؤمنين الموحدين

لا تَجِدُ قَوْماً صفتهم انهم يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ المعد للحساب والجزاء يُوادُّونَ اى لا تجد ان يتحابوا مَنْ حَادَّ اللَّهَ وعاداه وَرَسُولَهُ ايضا وَلَوْ كانُوا اى العادون المعاندون آباءَهُمْ اى آباء المؤمنين أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ وأقرباءهم وذوى أرحامهم أُولئِكَ السعداء المقبولون الممتنعون عن ودادة اعداء الله واعداء رسول الله طلبا لمرضاة الله ومرضاة رسوله قد كَتَبَ اى اثبت ومكن سبحانه فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وقد جعله راسخا فيها وَمع ذلك قد أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ فائض مِنْهُ سبحانه محى لهم ابد الآباد بالحياة الابدية والبقاء السرمدي إذ من حي بحياة الايمان والعرفان دامت له الحياة سرمدا ولم يمت ابدا وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ متنزهات العلم والعين والحق تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى انهار المعارف والحقائق المترسحة من بحر الحياة الأزلي الأبدي الذي هو الوجود المطلق الإلهي خالِدِينَ فِيها ابدا لا يتحولون عنها أصلا إذ قد رَضِيَ اللَّهُ المتجلى عليهم بالرضاء عَنْهُمْ وَرَضُوا ايضا عَنْهُ سبحانه بالتسليم والتفويض اليه وبالجملة أُولئِكَ السعداء المقبولون عند الله حِزْبُ اللَّهِ المتعزز برداء العظمة والكبرياء وحوامل آثار أوصافه وأسمائه الذاتية وقوابل عموم تجلياته حسب شئونه وتطوراته أَلا اى تنبهوا ايها الاظلال المستظلون بظل الله الممدود من أزل الذات الى ابد الأسماء والصفات إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون من عنده بالفوز العظيم والفضل الجسيم والكرم العميم

[خاتمة سورة المجادلة]

عليك ايها الطالب للفلاح والمترقب على الفوز والنجاح ان تتمكن في مقام التسليم والرضاء بعموم ما جرى عليك من مقتضيات القضاء وتلازم على آداب الخدمة بين يدي الله في عموم أوقاتك وحالاتك فارغا همك وسرك عن مطلق الوساوس والاشتغال العائق عن التوجه نحو المولى وتواظب على الطاعات والعبادات سيما في خلال الخلوات لتكون مصونة عن السمعة والرياء والميل الى العجب

<<  <  ج: ص:  >  >>