للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيحة المتوجهين الى بحر التوحيد فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ميل وعدول عن طريق الحق الجامع بين الظاهر والباطن فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ويتركون الامتثال بمحكماته جهلا وعنادا ولم يعلموا ان الوصول الى المعارف والحقائق انما تنال بتهذيب الظاهر بامتثال المحكمات بل ليس غرضهم من تلك المتابعة الا ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ اى طلب إيقاع الفتنة بين الناس وإفساد عقائدهم عن منهج التوحيد وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ الى ما يرتضيه عقولهم وتشتهيه نفوسهم كالمبتدعة خذلهم الله وَالحال انه ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ على ما ينبغي إِلَّا اللَّهُ الحكيم المنزل إذ تأويل كلامه لا يسع لغيره الا بتوفيقه واعانته وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ اللدني المؤيدون الموفقون من عنده حسب الهامه ووحيه بمعارف وحقائق لا تحصل بمجرد القوى البشرية الا بتأييد منه سبحانه وجذب من جانبه يَقُولُونَ على مقتضى تحققهم بمقام التوحيد المسقط لعموم الإضافات آمَنَّا بِهِ اى قد أيقنا واذعنا بمحكمات الكتاب ومتشابهاته جميعا إذ كُلٌّ منزل مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وانى لنا ان نتفاوت فيه وَبالجملة ما يَذَّكَّرُ وما يتعظ به وبأمثاله على وجه الإخلاص والتيقظ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ المجبولون على لب التوحيد المعرضون عن قشوره التي هي من مقتضيات القوى النفسانية التي هي من جنود شياطين الأهواء الباطلة والآراء الفاسدة

رَبَّنا يا من ربيتنا بلطفك على نشأة توحيدك لا تُزِغْ ولا تمل قُلُوبَنا عن طريق معرفتك سيما بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا عليه بانزال الكتب وإرسال الرسل وَهَبْ لَنا وتفضل علينا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً عامة شاملة لليقين العلمي والعيني والحقي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ والجواد الفياض بلا اعواض وأغراض

رَبَّنا إِنَّكَ بذاتك وبحسب اوصافك وأسمائك جامِعُ شتات النَّاسِ لِيَوْمٍ آن وشأن لا رَيْبَ فِيهِ ولا شك في وقوعه لاخبارك عنه ووحيك على السنة رسلك وكتبك وكيف لا إِنَّ اللَّهَ الجامع لشتات العباد في يوم المعاد لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ الذي وعده في كتابه بل قد انجزه على مقتضى انزاله ووحيه واخباره

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بالله واعرضوا عن أوامر كتبه ورسله وأصروا على كفرهم وانكارهم اغترارا بمزخرفاتهم الباطلة من الأموال والأولاد لَنْ تُغْنِيَ ولن تدفع عَنْهُمْ في النشأة الاخرى لا أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ غضب اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ المصرون المعاندون هُمْ وَقُودُ النَّارِ اى أجسامهم وقود نار الحسرة والخذلان لان دأبهم وديدنهم في النشأة الاولى

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِهِمْ المفسدين المسرفين المفرطين كعاد وثمود وكَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة على توحيدنا المنزل على رسلنا المستخلفين من عندنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ باسمه المنتقم بِذُنُوبِهِمْ الصادرة منهم من التكذيب والإنكار والعناد والاستكبار فاستأصلهم بالمرة في النشأة الاولى واحرقهم بالنار في النشأة الاخرى جزاء بما كسبوا في دار الدنيا وَبالجملة اللَّهُ القادر المقتدر على عموم ما يشاء شَدِيدُ الْعِقابِ لكل من عاند واستكبر

قُلْ يا أكمل الرسل نيابة عنا لِلَّذِينَ كَفَرُوا بك وبكتابك اخبارا لهم مما سيجرى عليهم سَتُغْلَبُونَ بكمال قهر الله وغضبه في يوم الجزاء وَتُحْشَرُونَ بين يدي الله وتحاسبون عنده سبحانه على عموم ما جرى عليهم في النشأة الاولى وبعد ذلك تساقون إِلى جَهَنَّمَ البعد والخذلان مطرودين مهانين وَبِئْسَ الْمِهادُ وما تمهدوا فيها بما اقترفته نفوسهم من الاستكبار على الأنبياء والإصرار على ما هم عليه من الكفر والضلال سيما بعد ظهور آيات الايمان وعلامات الهدى والعرفان

إذ قَدْ كانَ لَكُمْ ايها الضالون في تيه

<<  <  ج: ص:  >  >>