للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالحة لائقة لان يؤتسى ويقتدى بها وقد كانت لكم تلك القدوة نازلة فِي شأن إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ من المؤمنين المسترشدين منه المتدينين بدينه وقد كانوا يقولون بمقتضى تلك الأسوة الحسنة وقت إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ الذين هم أقاربهم وأرحامهم الكفرة وعبدة الأوثان إِنَّا بعد ما كوشفنا بوحدة الحق بُرَآؤُا مِنْكُمْ من انفسكم ومما ينتمى إليكم من ذوى ملتكم نحن بريئون عن مودتكم وخلطتكم مبرئون عن موانستكم ومواخاتكم مطلقا لانهماككم في الشرك والطغيان وَنحن ايضا برآء مِمَّا تَعْبُدُونَ وبعموم ما ترجعون نحوه في الخطوب والملمات مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام والأوثان الباطلة العاطلة وبالجملة نحن قد كَفَرْنا بِكُمْ وبمعبوداتكم الباطلة العاطلة مطلقا وَبعد اليوم قد بَدا وظهر بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً لا نصالح ولا نواسى معكم أصلا إذ لا مناسبة بيننا وبينكم حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وتتبرءوا عن معبوداتكم الباطلة مطلقا مثل تبرئنا فعليكم ايها المؤمنون اليوم ان تأتسوا وتقتدوا لجميع ما قال ابراهيم عليه السلام ومن تبعه لقومهم فيما مضى إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ عليه السلام لِأَبِيهِ الكافر لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ من الله الغفور يا ابى وبالجملة اقتدوا ايها المؤمنون بعموم اطوار ابراهيم عليه السلام وأقواله سوى هذا القول لأبيه حال كونه معتذرا منه بقوله وَما أَمْلِكُ لَكَ اى ما اقدر وما ادفع منك يا ابى مِنْ غضب اللَّهِ المنتقم الغيور مِنْ شَيْءٍ قد نزل عليك من العذاب بمقتضى قهره وسخطه سبحانه سوى الاستغفار والشفاعة لأجلك ان قبل الملك الغفار منى وايضا انما صدر هذا القول من الخليل عليه السلام قبل ورود النهى له عن ودادة اهل الكفر او صدر عنه عليه السلام هذا القول انجازا لموعدة وعدها إياه وبعد ما أمرتم أنتم ايها المؤمنون الموحدون المحمديون بمحبة الله وبمحبة رسوله والذين آمنوا له وتدينوا بدينه ونهيتم عن مودة الأعداء وموالاتهم وعن مواساة أخلاقهم وأطوارهم قولوا مسترجين الى الله مناجين معه رَبَّنا يا من ربانا على فطرة التوحيد والإسلام عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا في كل الأمور بلا رؤية الوسائل والأسباب العادية في البين ثقة بك واعتمادا عليك وَإِلَيْكَ أَنَبْنا قد عدنا ورجعنا في الخطوب وعموم الملمات إليك لا الى غيرك من الأسباب العادية وَوبالجملة إِلَيْكَ الْمَصِيرُ اى مرجع كل الوسائل والأسباب إليك كما ان مصدره منك إذ لا موجود سواك ولا مقصد غيرك وبعد ما مكنتنا في مقر توحيدك يا

رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا بان تسلطهم علينا فيفتنوا بنا ويصيبونا بعذاب لا طاقة بحمله وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا ما فرطنا بمقتضى بشريتنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الغالب القادر المقتدر على وجوه الانعام والانتقام الْحَكِيمُ المتقن في تدبير مصالح العباد وفي عموم ما جرى عليهم في المعاش والمعاد. ثم بالغ سبحانه في توصية تلك التأسى والاقتداء بملة ابراهيم عليه السلام وقدوته فقال مؤكدا بالقسم والله

لَقَدْ كانَ لَكُمْ ايها المؤمنون فِيهِمْ اى في ملة ابراهيم وأخلاقه واخلاق من آمن له وتدين بدينه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وقدوة صالحة لان يؤتسى بها ويقتدى عليها لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ اى تحقق برضاه والتسليم بقضاه وَايضا يرجو الْيَوْمَ الْآخِرَ ليتمكن فيه عند مولاه ويصل بعموم ما أعد له ربه وهيأه وَمَنْ يَتَوَلَّ ويعرض عن الله ولم يؤمن بالوقوف بين يدي الله فلن يضر الله شيأ فَإِنَّ اللَّهَ المتعزز برداء العظمة والكبرياء هُوَ الْغَنِيُّ المستغنى بذاته لا احتياج له الى رجاءات الراجين ومناجاتهم إياه الْحَمِيدُ حسب أسمائه وصفاته الكاملة الكائنة في ذاته بلا افتقار له الى حمد

<<  <  ج: ص:  >  >>