للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحامدين وشكر الشاكرين. ثم لما ورد النهى الإلهي على وجه المبالغة والتأكيد عن موالاة ذوى الأرحام والأقارب من الكفرة تبرأ المؤمنون عن أقاربهم وعشائرهم المشركين حتما وعادوا معهم ظاهرا الا انهم قد اضمروا في نفوسهم حزنا وتغمموا غما فوعد لهم سبحانه ايمان أقاربهم تسلية لهم وازالة لحزنهم فقال

عَسَى اللَّهُ المنعم المفضل أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ ايها المؤمنون وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً صادقة ومحبة خالصة جامعة بينكم وبينهم ألا وهي الإسلام المسقط لعموم الآثام والاجرام وَاللَّهُ المطلع على ما في استعدادات عباده قَدِيرٌ على ذلك الجمع المستلزم للمودة الخالصة والمحبة الحنيفية وَبالجملة اللَّهُ القادر المقتدر على عموم المقدورات غَفُورٌ لفرطاتكم التي صدرت عنكم ايها المكلفون رَحِيمٌ يقبل منكم توبتكم ويرحمكم بمقتضى سعة رحمته وجوده ثم لما تحرج المؤمنون عن موالاتهم مع اقربائهم الكفرة وذوى أرحامهم المشركين بحيث قد قدمت قبيلة بنت عبد العزى مشركة على بنتها اسماء بنت ابى بكر بهدايا فلم تأذنها بالدخول ولم تقبل منها هديتها فنزلت

لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ العليم الحكيم عَنِ مخالطة المشركين الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ولم يأمر عليكم أَنْ تَبَرُّوهُمْ وتحسنوا إليهم وتميلوا نحوهم إذ لا سبب للنهى عن ودادة هؤلاء وَعليكم ان تُقْسِطُوا وتميلوا إِلَيْهِمْ بمقتضى القسط والعدل الإلهي الموضوع بينكم بالوضع الإلهي إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ المعتدلين في عموم الأحوال والأطوار سيما على ذوى القربى بل

إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ العليم الحكيم عَنِ موالاة اقربائكم الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ يعنى مكة شرفها الله وَينهاكم ايضا عن موالاة أقاربكم الذين قد ظاهَرُوا أعانوا ونصروا عَلى إِخْراجِكُمْ منها وان لم يباشروا بجوارحهم لكن قد عاونوا على المباشرين المخرجين بالقول والمال وإيقاع الفتنة لذلك نهاكم سبحانه أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وتختلطوا معهم وتوالوهم اى مع المخرجين والمعاونين وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ منكم بعد ورود النهى فَأُولئِكَ المؤمنون الموالون معهم هُمُ الظَّالِمُونَ الخارجون عن مقتضى النهى الإلهي الوارد من لدنه سبحانه على وجه المبالغة والتأكيد فيستحقون الويل والعذاب الأليم بسبب خروجهم عن مقتضى النهى الإلهي. ثم قال سبحانه

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ المذعنات للايمان حال كونهن مُهاجِراتٍ من قبل الكفار فَامْتَحِنُوهُنَّ واختبروهن وانظروا نحوهن بنور الله المقتبس من نور الايمان متفرسين هل تجدون مواطئة قلوبهن بألسنتهن مع انه اللَّهُ المطلع على ما في قلوبهن أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ وبعد ما تفرستم فيهن فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ وظننتموهن مُؤْمِناتٍ مخلصات فَلا تَرْجِعُوهُنَّ ولا تردوهن إِلَى الْكُفَّارِ حتى لا يصرن مرتدات وبالجملة بعد ظهور الايمان منهن لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ اى الأزواج الكفار وَلا هُمْ اى الأزواج الكفار يَحِلُّونَ لَهُنَّ لاختلافهما في الدين وَبعد ما حفظتموهن وحكمتم عليهن بالإيمان ان جاء أزواجهن في طلبهن آتُوهُمْ واعطوهم اى أنتم ايها المؤمنون لأزواجهم ما أَنْفَقُوا أولئك الأزواج الكفار في حقهن من مهورهن وَبعد ما أتيتم وأعطيتم مهورهن لأزواجهن لا جُناحَ اى لا ضيق ولا حرج عَلَيْكُمْ ايها المؤمنون أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ اى مهورهن مرة اخرى مثل مهور سائر المؤمنات يعنى لا تحسبوا عليهن ما أعطيتم لأزواجهن من المهور وَبعد ما ثبت انه لا رخصة لكم في دينكم لرد المؤمنات المهاجرات الى الكفار لا تُمْسِكُوا ولا تبقوا ايضا أنتم ايها المؤمنون

<<  <  ج: ص:  >  >>