للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسبيحا مقرونا بكمال التذلل والخضوع الْمَلِكِ المتسلط بالاستيلاء التام والسلطنة القاهرة الغالبة على مملكة الوجود الْقُدُّوسِ المطهر المنزه ذاته عن سمة الحدوث ووصمة الإمكان الْعَزِيزِ الغالب على عموم المقدورات بكمال الاستيلاء والاستقلال الْحَكِيمِ المتقن في مطلق التدابير الجارية في عالم التصاوير بلا فتور وقصور

هُوَ الَّذِي بَعَثَ حسب قدرته الكاملة وحكمته البالغة فِي الْأُمِّيِّينَ المنسلخين عن مطلق الإملاء والإنشاء المشعر بالتدبر والتفكر بمقتضى العقل الفطري الموهوب لهم من لدن حكيم عليم رَسُولًا اميا أمثالهم منتشأ مِنْهُمْ وأيده بروح القدس بعد ما صفاه عن دنس الجهل واصطفاه من بين الملل وفضله على عموم ارباب النحل وكمله في المعارف والحقائق الإلهية بحيث يَتْلُوا عَلَيْهِمْ عموم آياتِهِ الدالة على وحدة ذاته وعلى كمالات أسمائه وصفاته وَيُزَكِّيهِمْ عن مطلق النقائض والآثام المنافية لدين الإسلام المبين للتوحيد الذاتي وَبالجملة يُعَلِّمُهُمُ بمقتضى الوحى الإلهي الْكِتابَ اى القرآن الجامع لما في الكتب السالفة من الحكم والاحكام على ابلغ بيان وأبدع نظام وَالْحِكْمَةَ اى الاحكام الشرعية المنتشئة من الحكمة المتقنة الإلهية المنزلة من عند الحكيم العلام وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ اى وانهم قد كانوا قبل بعثته صلّى الله عليه وسلم لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ وغواية ظاهرة لأنهم كانوا على فترة من الرسل

وَلم يختص بعثته صلّى الله عليه وسلّم بالأميين من الاعراب الموجودين عند مبعثه صلّى الله عليه وسلّم بل تعم آخَرِينَ مِنْهُمْ اى عموم المكلفين لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ حين يتبعون بالأولين هكذا واقتفوا أثرهم الى يوم القيامة إذ قد ختم ببعثته صلّى الله عليه وسلّم امر البعثة وكمل عند ظهوره صلّى الله عليه وسلم بنيان الدين القويم الذي هو صراط التوحيد الذاتي وَهُوَ سبحانه الْعَزِيزُ الغالب على عموم التقادير الْحَكِيمُ المطلق في جميع الأفعال والتدابير

ذلِكَ اى التوحيد الذاتي الذي ظهر به صلّى الله عليه وسلّم رحمة للعالمين فَضْلُ اللَّهِ العزيز الحكيم يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ من عباده بلا سبق الوسائل والأسباب العادية وَبالجملة اللَّهِ المتعزز برداء العظمة والكبرياء ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الذي لا يكتنه وصف فضله وطوله أصلا. ثم قال سبحانه تعريضا على الكفرة المنكرين لنبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم مع انه قد ورد في كتبهم المنزلة عليهم حليته صلّى الله عليه وسلّم وهم مؤمنون بها مصدقون بجميع ما فيها سوى بعثته صلّى الله عليه وسلّم وما جاء فيها من أوصافه صلّى الله عليه وسلّم الدالة على علو شأنه ورفعة قدره ومكانه وبالجملة

مَثَلُ القوم الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ اى علموها وكلفوا بما فيها من الأوامر والنواهي ومطلق الاحكام والمعتقدات المذكورة فيها ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها ولم ينتفعوا بها ولم يصدقوا بما فيها سيما نعوت الحضرة الختمية الخاتمية المحمدية مثلهم في حمل التوراة وعدم امتثالهم بما فيها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً كتبا من العلم يجهلها ويتعب بثقلها ولا ينتفع بها أصلا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ الدالة على عظمة ذاته ومتانة حكمه وحكمته في عموم مأموراته ومنهياته وَبالجملة اللَّهِ العليم الحكيم المتقن في عموم أفعاله لا يَهْدِي الى توحيده الذاتي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الخارجين عن عروة عبوديته بمتابعة شياطين اماراته

قُلْ يا أكمل الرسل على سبيل التبكيت والإلزام نيابة عنا لليهود الذين يدعون محبته وولايته بقولهم نحن اولياء الله واحباؤه مناديا لهم متهكما معهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا وتهودوا إِنْ زَعَمْتُمْ وظننتم أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>