للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم والعين والحق تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ المملوة بمياه المعارف والحقائق المترشحة من بحر الحياة الأزلي الأبدي بحيث لا يتحولون من التلذذ بها والتحقق دونها أصلا بل يصيرون خالِدِينَ فِيها أَبَداً وبالجملة ذلِكَ التكفير والإدخال لأرباب العناية والإفضال هو الْفَوْزُ الْعَظِيمُ واللطف الجسيم لا فوز أعظم منه وأكمل. ثم قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة من تعقيب الوعد بالوعيد

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا الدالة على وحدة ذاتنا وكمالات أسمائنا وصفاتنا أُولئِكَ الأشقياء المردودون أَصْحابُ النَّارِ وملازموها خالِدِينَ فِيها لا نجاة لهم منها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ مصير اهل النار أعاذنا الله وعموم عباده منها. ثم قال سبحانه على سبيل التقرير والتثبيت لأرباب المعرفة والإيقان على جادة التفويض والتوكل

ما أَصابَ على من أصاب وما أصاب مِنْ مُصِيبَةٍ اى حادثة مفرحة او مؤلمة إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ المدبر الحكيم وبمقتضى ارادته وتقديره وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ ويفوض امره اليه ويتخذه سبحانه وكيلا ويجعله حسيبا وكفيلا يَهْدِ قَلْبَهُ وينور خلده ويبصره على امارات التوحيد وعلامات اليقين وَبالجملة اللَّهِ المطلع على عموم ما غاب وشهد بِكُلِّ شَيْءٍ دخل في حيطة قدرته عَلِيمٌ بعلمه الحضوري بحيث لا يعزب عن علمه شيء مطلقا

وَبالجملة أَطِيعُوا اللَّهَ المظهر الموجد لكم من كتم العدم يا معاشر المكلفين وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ المبلغ لكم طريق الهداية والرشد المبين لكم سبل السلامة والسداد في يوم المعاد فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ وأعرضتم عن دعوته بعد تبليغه وإرشاده فلا بأس عليه فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا حسب وحينا وأمرنا الْبَلاغُ والتبليغ الْمُبِينُ الظاهر الواضح وبعد تبليغه على وجهه لم يبق عليه شيء بل علينا حسابكم وجزاؤكم بمقتضاه وكيف يتأتى منكم الاعراض ايها المعرضون المبطلون مع انه

اللَّهُ الواحد الأحد المستقل بالالوهية والربوبية لا إِلهَ ولا موجود في الوجود إِلَّا هُوَ بتوحيده واستقلاله وَعَلَى اللَّهِ لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ في عموم حوائجهم ومهماتهم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وأيقنوا وحدة الحق واستقلاله في الوجود إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ اعرضوا عنهم حتى لا يشغلوكم عن طاعة الله وعن التوجه نحوه والتوكل عليه بالتقريع والتشنيع ولا يردوكم ولا يلجؤكم ولا يضطروكم في امر المعاش وتحصيله الى المعاتب والمهالك حتى تسئلوا من كل غنى غبى وبخيل دنى فتسترزقوا منهم وترزقوا إليهم فلا تثقون بالله ولا تتوكلون عليه ولا تعتمدون بكفالته سبحانه وترزيقه وتزل بذلك نعلكم عن طريق خالقكم ورازقكم وتزلق قدمكم عن التشبث في صراط التوكل والتفويض وبالجملة فَاحْذَرُوهُمْ اى عن الأولاد والأزواج ولا تأمنوا عن مكرهم وغوائلهم وَمع ذلك إِنْ تَعْفُوا عن جرائمهم وتشنيعاتهم وتوصلوهم الى ما أملوا وترقبوا منكم وَتَصْفَحُوا وتعرضوا أنتم عن أغراضهم بعدم الالتفات الى حالهم وَتَغْفِرُوا اى تمحوا وتستروا ما صدر منهم من التقريع والتشنيع فتشتغلوا الى إنجاح أغراضهم وأمانيهم فَإِنَّ اللَّهَ المطلع على ما في ضمائركم من مراعاة جانب الأولاد والأزواج غَفُورٌ لذنوبكم الذي صدرت عنكم متعلقة بمعايش أولادكم ان كانت برخصة شرعية رَحِيمٌ عليكم يرحمكم ويمحو زلتكم ان كان سعيكم للكفاية والقناعة الضرورية لا للقصور والفراغة والجاه والثروة كما نشاهد في زماننا هذا من أبناء زماننا احسن الله أحوالهم وبالجملة

َّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

عظيمة وابتلاء شديد

<<  <  ج: ص:  >  >>