للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالزكاة، وما يتعلق بالقلوب كالإخلاص والخوف والرجاء وغير ذلك.

وأما الوعد: فمنه وعد بخير الدنيا من النصر والظهور وغير ذلك، ومنه وعد بخير الآخرة وهو الأكثر كأوصاف الجنة ونعيمها.

وأما الوعيد: فمنه تخويف بالعقاب في الدنيا، ومنه تخويف بالعقاب في الآخرة وهو الأكثر: كأوصاف جهنم وعذابها. وأوصاف القيامة وأهوالها، وتأمّل القرآن تجد الوعد مقرونا بالوعيد، قد ذكر أحدهما على إثر ذكر الآخر، ليجمع بين الترغيب والترهيب، وليتبين أحدهما بالآخر، كما قيل:

فبضدّها تتبين الأشياء وأما القصص: فهو ذكر أخبار الأنبياء المتقدّمين وغيرهم كقصة أصحاب الكهف، وذي القرنين. فإن قيل: ما الحكمة في تكرار قصص الأنبياء في القرآن؟ فالجواب من ثلاثة أوجه الأوّل: أنه ربما ذكر في سورة من أخبار الأنبياء ما لم يذكره في سورة أخرى، ففي كل واحدة منهما فائدة زائدة على الأخرى: الثاني: أنه ذكرت أخبار الأنبياء في مواضع على طريق الإطناب. وفي مواضع على طريق الإيجاز، لتظهر فصاحة القرآن في الطريقتين.

الثالث: أن أخبار الأنبياء قصد بذكرها مقاصد فتعدّد ذكرها بتعدّد تلك المقاصد، فمن المقاصد بها إثبات نبوة الأنبياء المتقدّمين بذكر ما جرى على أيديهم من المعجزات، وذكر إهلاك من كذّبهم بأنواع من المهالك. ومنها إثبات النبوة لمحمد صلّى الله عليه وسلّم لإخباره بتلك الأخبار من غير تعلم من أحد. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا [هود: ٤٩] ومنها إثبات الوحدانية. ألا ترى أنه لما ذكر إهلاك الأمم الكافرة قال: فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ [هود: ١٠١] ومنها الاعتبار في قدرة الله وشدّة عقابه لمن كفر. ومنها تسلية النبي صلّى الله عليه وسلّم عن تكذيب قومه له بالتأسي بمن تقدّم من الأنبياء: كقوله: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ [الأنعام: ٣٤] ومنها تسليته عليه السلام ووعده بالنصر كما نصر الأنبياء الذين من قبله. ومنها تخويف الكفار بأن يعاقبوا كما عوقب الكفار الذين من قبلهم، إلى غير ذلك مما احتوت عليه أخبار الأنبياء من العجائب والمواعظ واحتجاج الأنبياء. وردّهم على الكفار وغير ذلك. فلما كانت أخبار الأنبياء تفيد فوائد كثيرة: ذكرت في مواضع كثيرة. ولكل مقام مقال.

الباب الرابع: في فنون العلم التي تتعلق بالقرآن.

اعلم أن الكلام على القرآن يستدعي الكلام في اثني عشر فنا من العلوم، وهي:

التفسير، والقراءات، والأحكام، والنسخ، والحديث، والقصص، والتصوّف، وأصول الدين، وأصول الفقه، واللغة، والنحو، والبيان.

فأما التفسير فهو المقصود بنفسه وسائر هذه الفنون أدوات تعين عليه أو تتعلق به أو تتفرع منه، ومعنى التفسير: شرح القرآن وبيان معناه، والإفصاح بما يقتضيه بنصه أو إشارته أو فحواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>