للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آباءهم مفاخرة عند الجمرة، فأمروا بذكر الله عوضا من ذلك

آتِنا فِي الدُّنْيا كان الكفار إنما يدعون بخير الدنيا خاصة، لأنهم لا يؤمنون بالآخرة حَسَنَةً قيل: العمل الصالح وقيل:

المرأة الصالحة وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً الجنة نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا يحتمل أن تكون من سببية أي لهم نصيب من الحسنات التي اكتسبوها، والنصيب على هذا الثواب سَرِيعُ الْحِسابِ فيه وجهان: أحدهما أن يراد به سرعة مجيء يوم القيامة، لأن الله لا يحتاج إلى عدّة ولا فكرة وقيل لعليّ رضي الله عنه: كيف يحاسب الله الناس على كثرتهم؟ قال كما يرزقهم على كثرتهم فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ثلاثة بعد يوم النحر، وهي أيام التشريق، والذكر فيها:

التكبير في أدبار الصلوات، وعند الجمار وغير ذلك فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أي انصرف في اليوم الثاني من أيام التشريق وَمَنْ تَأَخَّرَ إلى اليوم الثالث فرمى فيه بقية الجمار، وأما المتعجل فقيل: يترك رمي الجمار اليوم «١» ، وقيل: يقدّمها في اليوم الثاني فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ في الموضعين، قيل إنه إباحة للتعجل والتأخر، وقيل: إنه إخبار عن غفران الإثم وهو الذنب للحاج، سواء تعجل أو تأخر لِمَنِ اتَّقى أما على القول بأن معنى: فلا إثم عليه الإباحة، فالمعنى أن الإباحة في التعجيل والتأخر لمن اتقى أن يأثم فيهما، فقد أبيح له ذلك من غير إثم، وأمّا على القول: بأن معنى فلا إثم عليه إخبار بغفران الذنوب، فالمعنى أن الغفران إنما هو لمن اتقى الله في حجه، كقوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «من حج هذا البيت، فلم يرفث، ولم يفسق: خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» «٢» فاللام متعلقة إمّا بالغفران أو بالإباحة المفهومين من الآية مَنْ يُعْجِبُكَ الآية قيل نزلت في الأخنس بن شريق، فإنه أظهر الإسلام، ثم خرج فقتل دواب المسلمين وأحرق لهم زرعا، وقيل: في المنافقين، وقيل: عامة في كل من كان على هذه الصفة فِي الْحَياةِ متعلق بقوله:

يعجبك: أي يعجبك ما يقول أي يعجبك ما يقول في أمر الدنيا ويحتمل أن يتعلق بيعجبك وَيُشْهِدُ اللَّهَ أي يقول: الله أعلم أنّه لصادق. أَلَدُّ الْخِصامِ شديد الخصومة تَوَلَّى أدبر بجسده أو أعرض بقلبه، وقيل: صار واليا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ على القول بأنها في الأخنس، فإهلاك الحرث حرقه الزرع، وإهلاك النسل قتله الدواب، وعلى القول


(١) . الثالث.
(٢) . أخرجه أحمد في مسنده عن أبي هريرة ج ٢ ص ٦٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>