للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك غيبة ممنوعة، وقد صرح صلّى الله عليه واله وسلّم بفضله على جميع الأنبياء بقوله «أنا سيد ولد آدم» «١» لا بفضله على واحد بعينه، فلا تعارض بين الحديثين مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ موسى عليه السلام وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ قيل: هو محمد صلّى الله عليه واله وسلّم لتفضيله على الأنبياء بأشياء كثيرة، وقيل: هو إدريس لقوله: وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [مريم:

٥٧] فالرفعة على هذا في المسافة وقيل: هو مطلق في كل من فضله الله منهم مِنْ بَعْدِهِمْ أي من بعد الأنبياء، والمعنى: بعد كل نبيّ لا بعد الجميع وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا كرره تأكيدا وليبنى عليه ما بعده أَنْفِقُوا يعم الزكاة والتطوّع لا بَيْعٌ فِيهِ أي:

لا يتصرف أحد في ماله، والمراد: لا تقدرون فيه على تدارك ما فاتكم من الإنفاق في الدنيا ويدخل فيه نفي الفدية لأنه بشراء الإنسان نفسه وَلا خُلَّةٌ أي مودّة نافعة لأن كل أحد يومئذ مشغول بنفسه وَلا شَفاعَةٌ أي ليس في يوم القيامة شفاعة إلّا بإذن الله فهو في الحقيقة رحمة من الله للمشفوع فيه، وكرامة للشافع ليس فيها تحكم على الله، وعلى هذا يحمل ما ورد من نفي الشفاعة في القرآن أعني أن لا تقع إلّا بإذن الله فلا تعارض بينه وبين إثباتها، وحيث ما كان سياق الكلام في أهوال يوم القيامة، والتخويف بها نفيت الشفاعة على الإطلاق، ومبالغة في التهويل. وحيث ما كان سياق الكلام تعظيم الله نفيت الشفاعة إلّا بإذنه وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ قال عطاء بن دينار: الحمد لله الذي قال هكذا، ولم يقل: والظالمون هم الكافرون

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ هذه آية الكرسي وهي أعظم آية في القرآن حسبما ورد في الحديث، وجاء فيها فضل كبير في الحديث الصحيح وفي غيره لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ تنزيه لله تعالى عن الآفات البشرية، والفرق بين السنة والنوم: أن السنة هي ابتداء النوم لا نفسه: كقول القائل:

في عينه سنة وليس بنائم

مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ استفهام مراد به نفي الشفاعة إلّا بإذن الله، فهي في الحقيقة راجعة إليه يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ الضمير عائد على من يعقل ممن


(١) . أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة ٢/ ٧١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>