للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحريما لذلك، فكل امرأة تزوّجها رجل حرمت على أولاده ما سفلوا، سواء دخل بها أو لم يدخل، فالنكاح في الآية بمعنى العقد، وما نكح: يعني النساء، وإنما أطلق عليهن ما، لأنّ المراد الجنس، فإن زنى رجل بامرأة فاختلف هل يحرم تزوجها على أولاده أم لا: فحرمه أبو حنيفة، وأجازه الشافعي، وفي المذهب قولان: واحتج من حرّمه بهذه الآية وحمل النكاح فيها على الوطء، وقال من أجازه: إنّ الآية لا تتناوله إذ النكاح فيها بمعنى العقد إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ أي إلّا ما فعلتم في الجاهلية من ذلك، وانقطع بالإسلام فقد عفى عنه فلا تؤاخذون به، ويدل على هذا قوله: إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً بعد قوله: إلّا ما قد سلف في المرأة الأخرى في الجمع بين الأختين قال ابن عباس: كانت العرب تحرم كل ما حرمته الشريعة إلّا امرأة الأب، والجمع بين الأختين، وقيل: المعنى إلّا ما قد سلف فانكحوه إن أمكنكم، وذلك غير ممكن فالمعنى: المبالغة في التحريم إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً كان في هذه الآية تقتضي الدوام كقوله: إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً، وشبه ذلك وقال المبرد: هي زائدة وذلك خطأ لوجود خبرها منصوبا، وزاد هذا المقت على ما وصف من الزنا في قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا: دلالة على أن هذا أقبح من الزنا

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الآية. معناها تحريم ما ذكر من النساء، والنساء المحرمات على التأبيد ثلاثة أصناف بالنسب، وبالرضاع، وبالمصاهرة. فأما النسب فيحرم به سبعة أصناف، وهي المذكورة في هذه الآية، وضابطها أنه يحرم على الرجل فصوله [فروعه] ما سفلت، وأصوله ما علت، وفصول أبويه ما سفلت وأول فصل من كل أصل متقدم على أبويه أُمَّهاتُكُمْ يدخل فيه الوالدة والجدة من قبل الأم والأب ما علون وَبَناتُكُمْ يدخل فيه البنت وبنت الابن وبنت البنت ما سفلن وَأَخَواتُكُمْ يدخل فيه الأخت الشقيقة أو لأب أو لأم وَعَمَّاتُكُمْ يدخل فيه أخت الوالد، وأخت الجد ما علا، سواء كانت شقيقة أو لأب أو لأم وَخالاتُكُمْ يدخل فيه أخت الأم وأخت الجدّ ما علت سواء كانت شقيقة أو لأب أو لأم وَبَناتُ الْأَخِ يدخل فيه كل من تناسل من الأخ الشقيق أو لأب أو لأم وَبَناتُ الْأُخْتِ يدخل فيه كل ما تناسل من الأخت الشقيقة أو لأب أو لأم وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ ذكر تعالى صنفين من الرضاعة وهم: الأم والأخت.

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» «١» ، فاقتضى ذلك تحريم الأصناف السبعة التي تحرم من النسب، وهي الأم والبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت وتفصيل ذلك يطول، وفي الرضاع مسائل لم نذكرها لأنها ليس لها تعلق


(١) . رواه أحمد عن ابن عباس ج أول ص ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>