للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النشوز، وأما الإعراض فهو أخف، ووجوه الصلح كثيرة منها أن يعطيها الزوج شيئا أو تعطيه هي أو تسقط حقها من النفقة أو الاستمتاع أو غير ذلك، وسبب الآية أن سودة بنت زمعة لما كبرت خافت أن يطلقها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت له: أمسكني في نسائك ولا تقسم لي وقد وهبت يومي لعائشة وَالصُّلْحُ خَيْرٌ لفظ عام يدخل فيه صلح الزوجين وغيرهما، وقيل: معناه صلح الزوجين خير من فراقهما فخير على هذا للتفضيل، واللام في الصلح للعهد وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ معناه أن الشح جعل حاضرا مع النفوس لا يغيب عنها لأنها جبلت عليه. والشح هو أن لا يسمح الإنسان لغيره بشيء من حظوظ نفسه، وشح المرأة من هذا هو طلبها لحقها من النفقة والاستمتاع، وشح الزوج هو منع الصداق والتضييق في النفقة وزهده في المرأة لكبر سنها أو قبح صورتها وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ معناه العدل التام الكامل في الأقوال والأفعال والمحبة وغير ذلك فرفع الله ذلك عن عباده، فإنهم لا يستطيعون. وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقسم بين نسائه ثم يقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني بما لا أملك» «١» يعني: ميله بقلبه وقيل: إنّ الآية نزلت في ميله صلّى الله عليه وسلّم بقلبه إلى عائشة، ومعناها اعتذار من الله تعالى عن عباده فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ أي لا ذات زوج ولا مطلقة وَإِنْ يَتَفَرَّقا الآية: معناها إن تفرّق الزوجان بطلاق أغنى الله كل واحد منهما من فضله عن صاحبه، وهذا وعد بخير وتأنيس وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الآية:

إخبار أنّ الله وصى الأوّلين والآخرين بأن يتقوه وَيَأْتِ بِآخَرِينَ أي بقوم غيركم، وروي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم لما نزلت ضرب بيده على كتف سلمان الفارسي، وقال: هم قوم هذا

مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا الآية: تقتضي الترغيب في طلب ثواب الآخرة، لأنه خير من ثواب الدنيا، وتقتضي أيضا أن يطلب ثواب الدنيا والآخرة من الله وحده، فإنّ ذلك بيده لا بيد غيره، وعلى أحد هذين الوجهين، يرتبط الشرط بجوابه، فالتقدير على الأول، من كان يريد


(١) . رواه: أحمد عن عائشة بلفظ: اللهم هذا فعلي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. ج ٦ ص ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>