للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيات، وعلى هذا يكون العالمين خاصا بأهل زمانهم، لأن أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم قد أوتيت من آياته مثل ذلك وأعظم، وقيل: المراد كثرة الأنبياء، فعلى هذا يكون عاما، لأن الأنبياء في بني إسرائيل أكثر منهم في سائر الأمم

الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ أرض بيت المقدس، وقيل:

الطور، وقيل: دمشق الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ أي قضى أن تكون لكم وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ يحتمل أن يريد الارتداد عن الدين والطاعة، والرجوع إلى الطريق الذي جاءوا منه فإنه روي أنه لما أمرهم موسى عليه السلام بدخول الأرض المقدسة خافوا من الجبارين الذين فيها، وهمّوا أن يقدموا على أنفسهم رئيسا ويرجعوا إلى مصر قَوْماً جَبَّارِينَ هم العمالقة قالَ رَجُلانِ هما يوشع وكالب يَخافُونَ أي يخافون الله، وقيل:

يخافون الجبارين، ولكن الله أنعم عليهما بالصبر والثبوت لصدق إيمانهما ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ أي باب المدينة فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ إفراط في العصيان وسوء الأدب بعبارة تقتضي الكفر والاستهانة بالله ورسوله، وأين هؤلاء من الذين قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لسنا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى ولكن نقول لك اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون «١» لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي قاله موسى عليه السلام ليتبرأ إلى الله من قول بني إسرائيل، ويبذل جهده في طاعة الله ويعتذر إلى الله. وإعراب أخي عطف على نفسي لأن أخاه هارون كان يطيعه، وقيل: عطف على الضمير في لا أملك: أي لا أملك أنا إلا نفسي ولا يملك أخي إلا نفسه، وقيل: مبتدأ، وخبره محذوف أي أخي لا يملك إلا نفسه فَافْرُقْ بَيْنَنا أي فارق بيننا وبينهم فهو من الفرقة، وقيل: افصل بيننا وبينهم بحكم

قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً الضمير في قال لله تعالى، وحرم الله على جميع بني إسرائيل دخول تلك المدينة أربعين سنة وتركهم في هذه المدة يتيهون في الأرض أي في أرض التيه وهو ما بين مصر والشام حتى مات كل من قال. إنا لن ندخلها. ولم يدخلها أحد من ذلك الجيل إلا يوشع وكالب ومات هارون في التيه، ومات موسى بعده في التيه أيضا. وقيل: إن موسى وهارون لم يكونا في التيه، لقوله فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين، وخرج يوشع ببني إسرائيل بعد الأربعين سنة، وقاتل الجبارين، وفتح المدينة، والعامل في


(١) . هذا من كلام المقداد بن عمرو للنبي صلّى الله عليه وسلّم قبيل موقعة بدر. انظر سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٦١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>