للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام إبراهيم وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ لما نزلت هذه الآية أشفق منها أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وعلى اله وسلّم: إنما ذلك كما قال لقمان لابنه: يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان: ١٣] وَتِلْكَ حُجَّتُنا إشارة إلى ما تقدم من استدلاله واحتجاجه وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ الضمير لإبراهيم أو لنوح عليهما السلام، والأول هو الصحيح لذكر لوط وليس من ذرية إبراهيم داود عطف على نوحا أي وهدينا داود وَعِيسى فيه دليل على أن أولاد البنات يقال فيهم ذرية، لأن عيسى ليس له أب فهو ابن ابنة نوح «١» وَمِنْ آبائِهِمْ في موضع نصب عطف على كلا أي وهدينا بعض آبائهم فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ أي أهل مكة وَكَّلْنا بِها قَوْماً هم الأنبياء المذكورون، وقيل: الصحابة، وقيل: كل مؤمن. والأول أرجح لدلالة ما بعده على ذلك، ومعنى توكيلهم بها: توفيقهم للإيمان بها والقيام بحقوقها أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ إشارة إلى الأنبياء المذكورين فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ استدل به من قال: إن شرع من قبلنا شرع لنا، فأما أصول الدين من التوحيد والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فاتفقت فيه جميع الأمم والشرائع، وأما الفروع ففيها وقع الاختلاف بين الشرائع والخلاف هل يقتدي النبي صلّى الله عليه واله وسلّم فيها بمن قبله أم لا؟ والهاء في اقتده للوقف فينبغي أن تسقط في الوصل، ولكن من أثبتها فيه راعى ثبوتها في خط المصحف

وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أي ما عرفوه حق معرفته، في اللطف بعباده والرحمة لهم إذ أنكروا بعثه للرسل وإنزاله للكتب، والقائلون هم: اليهود بدليل ما بعده، وإنما قالوا ذلك مبالغة في إنكار نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وروي أن الذي قالها منهم مالك بن الضيف، فرد الله عليهم بأن ألزمهم ما لا بد لهم من الإقرار به وهو إنزال التوراة على موسى، وقيل: القائلون قريش،


(١) . لعل الصواب: ابراهيم حسب رأي المؤلف في ترجيح عودة الضمير في: ذريته إلى إبراهيم والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>