للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زنى بعد إحصان، أو كفر بعد إيمان، أو قتل نفس بغير نفس «١»

وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

النهي عن القرب يعم وجوه التصرف، وفيه سدّ الذريعة، لأنه إذا نهى عن أن يقرب المال، فالنهي عن أكله أولى وأحرى. والتي هي أحسن منفعة اليتيم وتثمير ماله حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ

هو البلوغ مع الرشد، وليس المقصود هنا السن وحده، وإنما المقصود معرفته بمصالحه لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها

لما أمر بالقسط في الكيل والوزن، وقد علم أن القسط الذي لا زيادة فيه ولا نقصان مما يجري فيه الحرج ولا يتحقق الوصول إليه أمر بما في الوسع من ذلك وعفا عما سواه وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى

أي ولو كان المقول له أو عليه في شهادة أو غيرها من أهل قرابة القائل، فلا ينبغي أن يزيد ولا ينقص بل يعدل.

وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً الإشارة بهذا إلى ما تقدم من الوصايا أو إلى جميع الشريعة، وأنّ بفتح الهمزة والتشديد «٢» عطف على ما تقدم أو مفعول من أجله: أي فاتبعوه لأن هذا صراطي مستقيما، وقرئ بالكسر على الاستئناف، وبالفتح والتخفيف على العطف، وهي على هذا مخففة من الثقيلة وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ الطرق المختلفة في الدين من اليهودية والنصرانية وغيرها من الأديان الباطلة، ويدخل فيه أيضا البدع والأهواء المضلة، وفي الحديث «أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خط خطا، ثم قال هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال هذه كلها سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه» «٣» فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ أي تفرقكم عن سبيل الله والفعل مستقبل حذفت منه تاء المضارعة ولذلك شدده أبو الحسن أحمد بن محمد البزي

ثُمَّ آتَيْنا معطوف على وصاكم به، فإن قيل:

فإن إيتاء موسى الكتاب متقدم على هذه الوصية، فكيف عطفه عليها بثم؟ فالجواب أن هذه الوصية قديمة لكل أمة على لسان نبيها، فصح الترتيب، وقيل: إنها هنا لترتيب الأخبار والقول، لا لترتيب الزمان تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ فيه ثلاث تأويلات: أحدها أن المعنى تماما للنعمة على الذي أحسن من قوم موسى، ففاعل أحسن ضمير يعود على الذي،


(١) . رواه أحمد عن عدد من الصحابة منهم عثمان وعائشة وابن مسعود بألفاظ متقاربة وورد في الصحيحين من رواية ابن مسعود وذكره النووي في الأربعين.
(٢) . هي قراءة نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وأما بالكسر فقراءة حمزة والكسائي وبالتخفيف قراءة ابن عامر.
(٣) . رواه أحمد عن ابن مسعود ج أول ص ٥٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>