للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفين والجمل، وكانت أياما كثيرة أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تقديره أذان بأن الله بريء، وحذفت الباء تخفيفا، وقرئ إن الله بالكسر، لأن الأذان في معنى القول وَرَسُولِهِ ارتفع بالعطف على الضمير في برىء، أو بالعطف على موضع اسم إن، أو بالابتداء وخبره محذوف وقرئ بالنصب عطف على اسم إن، وأما الخفض فلا يجوز فيه العطف على المشركين لأنه معنى فاسد ويجوز على الجوار أو القسم، وهو مع ذلك بعيد والقراءة به شاذة فَإِنْ تُبْتُمْ يعني التوبة من الكفر إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ يريد الذين لم ينقضوا العهد فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ يعني الأشهر الأربعة التي جعلت لهم، فمن قال: إنها شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم فهي الحرم المعروفة زاد فيها شوال ونقص رجب، وسميت حرما تغليبا للأكثر ومن قال: إنها إلى ربيع الثاني: فسميت حرما لحرمتها ومنع القتال فيها حينئذ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ناسخة لكل موادعة في القرآن، وقيل: إنها نسخت أيضا فإمّا منّا بعد وإما فداء، وقيل: بل نسختها هي فيجوز المنّ والفداء وَخُذُوهُمْ معناه الأسر، والأخيذ هو الأسير كُلَّ مَرْصَدٍ كل طريق ونصبه على الظرفية فَإِنْ تابُوا يريد من الكفر، ثم قرن بالإيمان الصلاة والزكاة، فذلك دليل على قتال تارك الصلاة والزكاة، كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه، والآية في معنى قوله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلّم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة» «١» فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ تأمين لهم وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ هو من الجوار أي استأمنك فأمنه حتى يسمع القرآن ليرى هل يسلم أم لا ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ أي إن لم يسلم فردّه إلى موضعه، وهذا الحكم ثابت عند قوم، وقال قوم: نسخ بالقتال كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ لفظ استفهام، ومعناه استنكار واستبعاد إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ قيل: المراد قريش، وقيل: قبائل بني بكر فَمَا اسْتَقامُوا ما ظرفية


(١) . رواه الشيخان من حديث ابن عمر. النووي في الأربعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>