للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراذل في أفعالهم لقول نوح: وما علمي بما كانوا يعملون بادِيَ الرَّأْيِ أي أول الرأي من غير نظر ولا تدبير، وبادي منصوب على الظرفية: أصله وقت حدوث أول رأيهم، والعامل فيه اتبعوك على أصح الأقوال، والمعنى: اتبعك الأراذل من غير نظر ولا تثبت، وقيل: هو صفة لبشرا مثلنا: أي غير مثبت في الرأي وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ أي من مزية وشرف، والخطاب لنوح عليه السلام ومن معه عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي أي على برهان وأمر جليّ، وكذلك في قصة صالح وشعيب وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ يعني النبوّة فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ «١» أي خفيت عليكم، والفاعل على هذا البينة أو الرحمة أَنُلْزِمُكُمُوها أي أنكرهكم على قبولها قهرا؟ وهذا هو جواب أرأيتم: ومعنى الآية أن نوحا عليه السلام قال لقومه: أرأيتم إن هداني الله وأضلكم أأجبركم على الهدى وأنتم له كارهون؟ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا الضمير في عليه عائد على التبليغ وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا يقتضي أنهم طلبوا منه طرد الضعفاء إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ المعنى أنه يجازيهم على إيمانهم مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أي: من يدفع عني عقاب الله إن ظلمتهم بالطرد وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ الآية: أي لا أدعى ما ليس لي فتنكرون قولي تَزْدَرِي أي تحتقر من قولك:

زريت الرجل إذا قصرت به، والمراد بالذين تزدري أعينهم: ضعفاء المؤمنين إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ أي إن قلت للمؤمنين: لن يؤتيهم الله خيرا، والخير هنا يحتمل أن يريد به خير الدنيا والآخرة جادَلْتَنا الجدال هو المخاصمة والمراجعة في الحجة فَأْتِنا بِما تَعِدُنا أي بالعذاب وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي الآية: جزاء قوله: إن أردت أن أنصح لكم، هو ما دل عليه قوله: نصحي وجزاء قوله: إن كان الله يريد أن يغويكم: هو ما دل عليه قوله: لا ينفعكم نصحي، فتقديرها: إن أراد الله أن يغويكم لن ينفعكم نصحى إن نصحت لكم، ثم استأنف


(١) . قرأ حمزة والكسائي وحفص بالتشديد: فعمّيت. وقرأ أهل الحجاز والشام والبصرة وأبو بكر: فعميت:
بالتخفيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>