للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم، لأنه كافر، ولقوله: ونادى نوح ابنه إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فيه ثلاث تأويلات على قراءة الجمهور: أحدها أن يكون الضمير في إنه لسؤال نوح نجاة ابنه، والثاني أن يكون الضمير لابن نوح وحذف المضاف من الكلام تقديره: إنه ذو عمل غير صالح، والثالث: أن يكون الضمير لابن نوح، وعمل: مصدر وصف به مبالغة كقولك: رجل صوم، وقرأ الكسائي «عمل» بفعل ماض «غير صالح» بالنصب، والضمير على هذا لابن نوح بلا إشكال فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ أي لا تطلب مني أمرا لا تعلم أصواب هو أم غير صواب، حتى تقف على كنهه، فإن قيل: لم سمى نداءه سؤالا، ولا سؤال فيه؟ فالجواب أنه تضمن السؤال وإن لم يصرح به إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ أن في موضع مفعول من أجله تقديره: أعظك كراهة أن تكون من الجاهلين، وليس في ذلك وصف له بالجهل، بل فيه ملاطفة وإكرام اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا أي اهبط من السفينة بسلامة وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ أي ممن معك في السفينة، واختار الزمخشري أن يكون المعنى من ذرية من معك، ويعني به المؤمنين إلى يوم القيامة، فمن على هذا لابتداء الغاية، والتقدير على أمم ناشئة ممن معك، وعلى الأول تكون من لبيان الجنس وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ يعني نمتعهم متاع الدنيا وهم الكفار إلي يوم القيامة.

تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ إشارة إلى القصة، وفي الآية دليل على أن القرآن من عند الله لأن النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يكن يعلم ذلك قبل الوحي إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ يعني في عبادتهم لغير الله يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً السماء هنا المطر ومدرارا بناء تكثير من الدرّ يقال: درّ المطر واللبن وغيره، وفي الآية دليل على أن الاستغفار والتوبة سبب لنزول الأمطار، وروي أن عادا كان حبس عنهم المطر ثلاث سنين، فأمرهم بالتوبة والاستغفار، ووعدهم على ذلك بالمطر، والمراد بالتوبة هنا الرجوع عن الكفر، ثم عن الذنوب، لأن التوبة من الذنوب لا تصح إلا بعد الإيمان قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ أي بمعجزة، وذلك كذب منهم وجحود، أو يكون معناه بآية تضطرنا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>