للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً أي أعتدت لهن ما يتكأ عليه من الفرش ونحوها، وقيل: المتكأ طعام، وقرئ في الشاذ متكأ بسكون التاء وتنوين الكاف، وهو الأترج، وإعطاؤها السكاكين لهن يدل على أن الطعام كان مما يقطع بالسكاكين كالأترج، وقيل: كان لحما وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ أمر ليوسف، وإنما أطاعها لأنه كان مملوك زوجها أَكْبَرْنَهُ أي عظمن شأنه وجماله. وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ أي اشتغلن بالنظر إليه وبهتن من جماله حتى قطعن أيديهن وهنّ لا يشعرن كما يقطع الطعام حاشَ لِلَّهِ «١» معناه براءة وتنزيه: أي تنزيه الله وتعجب من قدرته على خلقة مثله، وحاش في باب الاستثناء تخفض على أنها حرف، وأجاز المبرد النصب بها على أن تكون فعلا وأما هنا فقال أبو علي الفارسي: إنها فعل، والدليل على ذلك من وجهين: أحدهما أنها دخلت على لام الخبر وهو اللام في قوله لله، ولا يدخل الحرف على حرف، والآخر أنها حذفت منها الألف على قراءة الجماعة، والحروف لا يحذف منها شيء وقرأها أبو عمرو بالألف على الأصل وإنما تحذف من الأفعال كقولك: لم يك ولا أدري، والفاعل بحاش ضمير يعود على يوسف تقديره: بعد يوسف عن الفاحشة لخوف الله، وقال الزمخشري: إن حاش وضع موضع المصدر، كأنه قال: تنزيها، ثم قال: لله ليبين من ينزه قال: وإنما حذف منه التنوين مراعاة لأصله من الحرفية ما هذا بَشَراً أخرجنه من البشر وجعلنه من الملائكة مبالغة في وصف الحسن إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ توبيخ لهن على اللوم فَاسْتَعْصَمَ أي طلب العصمة وامتنع مما أرادت منه أَصْبُ إِلَيْهِنَّ أي أميل وكلامه هذا تضرع إلى الله ثُمَّ بَدا لَهُمْ أي ظهر والفاعل محذوف تقديره: رأى والضمير في لهم لزوجها وأهلها، أو من تشاور معه في ذلك رَأَوُا الْآياتِ أي الأدلة على براءته.

وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ أي شابان، وقيل: هنا محذوف لا بد منه وهو فسجنوه، وكان يوسف قد قال لأهل السجن: إني أعبر الرؤيا، وكذلك سأله الفتيان عن منامهما، وقيل: إنهما استعملاها ليجرباه، وقيل رأيا ذلك حقا أَعْصِرُ خَمْراً قيل فيه: سمى العنب خمرا بما يؤول إليه وقيل: هي لغة إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قيل: معناه في تأويل الرؤيا، وقيل: إحسانه إلى أهل


(١) . قرأ أبو عمرو فقط: حاشا لله.

<<  <  ج: ص:  >  >>