للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غدوة، وقال رؤبة بن العجاج: يقال بعد الزوال ظل وفيء، ولا يقال قبله إلا ظل، ففي لفظة: يتفيأ هنا تجوز ما لوقوع الخصوص في موضع العموم، لأن المقصود الإعتبار من أول النهار إلى آخره، فوضع يتفيأ موضع ينتقل أو يميل، والضمير في ظلاله يعود على ما أو على شيء عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ يعني عن الجانبين أي يرجع الظل من جانب إلى جانب، واليمين بمعنى الأيمان، واستعار هنا الأيمان والشمائل للأجرام، فإن اليمين والشمائل إنما هما في الحقيقة للإنسان سُجَّداً لِلَّهِ حال من الظلال، وقال الزمخشري حال من الضمير في ظلاله، إذ هو بمعنى الجمع لأنه يعود على قوله: من شيء، فعلى الأول يكون السجود من صفة الظلال، وعلى الثاني يكون من صفة الأجرام، واختلف في معنى هذا السجود فقيل عبر به عن الخضوع والانقياد، وقيل هو سجود حقيقة وَهُمْ داخِرُونَ أي صاغرون وجمع بالواو [والنون] لأن الدخور من أوصاف العقلاء.

وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ يحتمل أن يكون من دابة بيان لما في السموات وما في الأرض معا، لأن كل حيوان يصح أن يوصف بأنه يدب، ويحتمل أن يكون بيانا لما في الأرض خاصة وإنما قال: ما في السموات وما في الأرض ليعم العقلاء وغيرهم، ولو قال. من في السموات لم يدخل في ذلك غير العقلاء قاله الزمخشري وَالْمَلائِكَةُ إن كان قوله من دابة بيانا لما في السموات والأرض، فقد دخل الملائكة في ذلك، وكرر ذكرهم تخصيصا لهم بالذكر وتشريفا، وإن كان من دابة لما في الأرض خاصة فلم تدخل الملائكة في ذلك فعطفهم على ما قبلهم يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ هذا إخبار عن الملائكة، وهو بيان نفي الاستكبار، ويحتمل أن يريد فوقية القدرة والعظمة أو يكون من المشكلات التي يمسك عن تأويلها، وقيل: معناه يخافون أن يرسل عليهم عذابا من فوقهم لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ وصف الإلهين باثنين تأكيدا وبيانا للمعنى وقيل: إن إثنين مفعول أول وإلهين مفعول ثاني، فلا يكون في الكلام تأكيد فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ خرج من الغيبية إلى التكلم، لأن الغائب هو المتكلم، وإياي مفعول بفعل مضمر، ولا يعمل فيه فارهبون لأنه قد أخذ معموله وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أي واجبا وثابتا، وقيل: دائما، وانتصابه على الحال من الدين وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ يحتمل أن تكون الواو للاستئناف أو الحال، فيكون الكلام متصلا بما قبله: أي كيف تتقون غير الله، وما بكم من نعمة فمنه وحده فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ أي ترفعون أصواتكم بالاستغاثة والتضرع لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ اللام لام الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>