للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ذلك بنو إسرائيل بعضهم لبعض فَنَسِيَ يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون من كلام بني إسرائيل والفاعل موسى: أي نسي موسى إلهه هنا، وذهب يطلبه في الطور، والنسيان على هذا بمعنى الذهول، والوجه الثاني: أن يكون من كلام الله تعالى، والفاعل على هذا السامريّ: أي نسي دينه وطريق الحق، والنسيان على هذا المعنى: الترك أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا معناه لا يردّ عليهم كلاما إذا كلموه وذلك ردّ عليهم في دعوى الربوبية له، وقرئ يرجع بالرفع، وأن مخففة من الثقيلة، وبالنصب وهي مصدرية قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ لا زائدة للتأكيد، والمعنى ما منعك أن تتبعني في المشي إلى الطور، أو تتبعني في الغضب لله، وشدّة الزجر لمن عبد العجل، وقتالهم بمن لم يعبده؟

لَ يَا بْنَ أُمَ

ذكر في [الأعراف: ١٥٠] تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي

كان موسى قد أخذ بشعر هارون ولحيته من شدّة غضبه، لما وجد بني إسرائيل قد عبدوا العجل نِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ

أي: لو قاتلت من عبد العجل منهم بمن لم يعبده، لقلت فرقت جماعتهم وأدخلت العداوة بينهم، وهذا على أن يكون معنى قوله:

تتبعني في الزجر والقتال، ولو أتبعتك في المشي إلى الطور لا تبعني بعضهم دون بعض، فتفرقت جماعتهم وهذا على أن يكون معنى تتبعني في المشي إلى الطور لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي

يعني قوله له: اخلفني في قومي وأصلح.

قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ أي قال موسى ما شأنك؟ ولفظ الخطب يقتضي الانتهار، لأنه يستعمل في المكاره قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ أي رأيت ما لم يروه يعني:

جبريل عليه السلام وفرسه فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ أي قبضت قبضة من تراب من أثر فرس الرسول وهو جبريل، وقرأ ابن مسعود «من أثر فرس الرسول» وإنما سمى جبريل بالرسول، لأن الله أرسله إلى موسى، والقبضة مصدر قبض، وإطلاقها على المفعول من تسمية المفعول بالمصدر كضرب الأمير، ويقال: قبض بالضاد المعجمة إذا أخذ بأصابعه وكفه، وبالصاد المهملة: إذا أخذ بأطراف الأصابع وقد قرئ كذلك في الشاذ فَنَبَذْتُها أي ألقيتها على الحلي، فصار عجلا أو على العجل فصار له خوار

فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ عاقب موسى عليه السلام السامري بأن منع الناس من مخالطته ومجالسته ومؤاكلته ومكالمته، وجعل له مع ذلك أن يقول طول حياته: لا مساس أي لا مماسة ولا إذاية، وروي أنه كان

<<  <  ج: ص:  >  >>