للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي وأنت حامد لربك على أن وفقك للتسبيح، ويحتمل أن يكون المعنى سبح تسبيحا مقرونا بحمد ربك فيكون أمرا بالجمع بين قوله: سبحان الله وقوله الحمد لله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض «١» قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها إشارة إلى الصلوات الخمس عند من قال إن معنى فسبح: الصلاة، فالتي قبل طلوع الشمس الصبح، والتي قبل غروبها الظهر والعصر، ومن آناء الليل المغرب والعشاء الآخرة وأطراف النهار المغرب والصبح، وكرر الصبح في ذلك تأكيدا للأمر بها، وسمى الطرفين اطرافا لأحد وجهين: إما على نحو فقد صغت قلوبكما، وإما أن يجعل النهار للجنس، فلكل يوم طرف، وآناء الليل ساعاته، واحدها إني وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ذكر في [الحجر: ٨٨] ومدّ العينين هو تطويل النظر ففي ذلك دليل على أن النظر غير الطويل معفوّ عنه زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا شبه نعم الدنيا بالزهر وهو النوار، لأن الزهر له منظر حسن، ثم يذبل ويضمحل، وفي نصب زهرة خمسة أوجه: أن ينتصب بفعل مضمر على الذم، أو يضمن متعنا معنى أعطينا، ويكون زهرة مفعولا ثانيا له، أو يكون بدلا من موضع الجار والمجرور، أو يكون بدلا من أزواجا على تقدير ذوي زهرة أو ينتصب على الحال.

لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ أي لنختبرهم لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً أي لا نسألك أن ترزق نفسك ولا أهلك فتفرغ أنت وأهلك للصلاة فنحن نرزقك، وكان بعض السلف إذا أصاب أهله خصاصة قال:

قوموا فصلوا بهذا أمركم الله، ويتلو هذه الآية أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى البينة هنا البرهان، والصحف الأولى هي التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله، والضمير في قالوا وفي أو لم تأتهم لقريش لما اقترحوا آية على وجه العناد والتعنت: أجابهم الله بهذا الجواب، والمعنى قد جاءكم برهان ما في التوراة والإنجيل من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، فلأي شيء تطلبون آية أخرى، ويحتمل أن يكون المعنى: قد جاءكم القرآن وفيه من العلوم والقصص ما في الصحف الأولى، فذلك بينة وبرهان على أنه من عند الله وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ الآية: معناها لو أهلكنا هؤلاء الكفار قبل بعث محمد صلى الله عليه وسلم لاحتجوا على الله بأن يقولوا: لولا أرسلت إلينا رسولا، ولولا هنا:

عرض فقامت عليهم الحجة ببعثه صلى الله عليه وسلم قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ أي قل كل واحد منا ومنكم منتظر لما يكون من هذا الأمر فَتَرَبَّصُوا تهديد الصِّراطِ السَّوِيِّ المستقيم.


(١) . جزء من حديث رواه النووي في الأربعين رقم ٢٣ وأوله: الطهور شطر الإيمان وهو في مسلم ج ١/. ٢٠٣
أول كتاب الطهارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>