للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الزمخشري: هو كقولك كتبت الكتاب لست خلون من الشهر مِثْقالَ حَبَّةٍ أي وزنها والرفع على أن كان تامة، والنصب على أنها ناقصة واسمها مضمر الْفُرْقانَ هنا التوراة، وقيل التفرقة بين الحق والباطل بالنصر وإقامة الحجة وَهذا ذِكْرٌ يعني القرآن رُشْدَهُ أي إرشاده إلى توحيد الله وكسر الأصنام وغير ذلك مِنْ قَبْلُ أي قبل موسى وهارون، وقيل آتيناه رشده قبل النبوة وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ أي علمناه أنه يستحق ذلك التَّماثِيلُ يعني الأصنام وكانت على صور بني آدم وَجَدْنا آباءَنا اعتراف بالتقليد من غير دليل قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أي هل الذي تقول حق أم مزاح، وانظر كيف عبر عن الحق بالفعل، وعن اللعب بالجملة الاسمية، لأنه أثبت عندهم فَطَرَهُنَّ أي خلقهن، والضمير للسموات والأرض، أو التماثيل، وهذا أليق بالرد عليهم بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ يعني خروجهم إلى عيدهم جُذاذاً أي فتاتا، ويجوز فيه الضم والكسر والفتح، وهو من الجذ بمعنى القطع إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ ترك الصنم الكبير لم يكسره وعلق القدوم في يده لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ الضمير للصنم الكبير أي يرجعون إليه فيسألونه فلا يجيبهم، فيظهر لهم أنه لا يقدر على شيء، وقيل: الضمير لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، أي يرجعن إليه فيبين لهم الحق.

قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا قبله محذوف تقديره: فرجعوا من عيدهم فرأوا الأصنام مكسورة، فقالوا: من فعل هذا فَتًى يَذْكُرُهُمْ أي يذكرهم بالذم وبقوله: لأكيدن أصنامكم يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ قيل: إن إعراب إبراهيم منادى، وقيل خبر ابتداء مضمر، وقيل رفع على الإهمال، والصحيح أنه مفعول لم يسم فاعله، لأن المراد الاسم لا المسمى وهذا اختيار ابن عطية والزمخشري لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ أي يشهدون عليه بما فعل أو يحضرون عقوبتنا له قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ قصد إبراهيم عليه السلام بهذا القول تبكيتهم وإقامة الحجة عليهم، كأنه يقول: إن كان إلها فهو قادر على أن يفعل، وإن لم يقدر فليس بإله ولم يقصد الإخبار المحض، لأنه كذب، فإن قيل: فقد جاء في الحديث «١» إن إبراهيم كذب ثلاث كذبات: أحدها قوله فعله كبيرهم، فالجواب أن معنى


(١) . الحديث رواه الشيخان عن أبي هريرة وأوله: أنا سيد الناس يوم القيامة وقد رواه النووي في آخر كتاب رياض الصالحين.

<<  <  ج: ص:  >  >>