للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتْرا مصدر ووزنه فعلى، ومعناه التواتر والتتابع، وهو موضوع موضع الحال: أي متواترين واحدا بعد واحد، فمن قرأه بالتنوين «١» : فألفه للإلحاق، ومن قرأه بغير تنوين:

فألفه للتأنيث فلم ينصرف، وتأنيثه لأن الرسل جماعة والتاء الأولى فيه بدل من واو هي فاء الكلمة وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ أي يتحدث الناس بما جرى عليهم، ويحتمل أن يكون جمع حديث أو جمع أحدوثة، وهذا أليق لأنها تقال في الشر قَوْماً عالِينَ أي متكبرين وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ أي حامدون متذللون لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ الضمير لبني إسرائيل لا لقوم فرعون، لأنهم هلكوا قبل إنزال التوراة وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ الربوة: الموضع المرتفع من الأرض، ويجوز فيها فتح الراء وضمها وكسرها، واختلف في موضع هذه الربوة، فقيل:

بيت المقدس، وقيل: بغوطة دمشق، وقيل: بفلسطين ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ القرار: المستوي من الأرض فمعناه أنها بسيطة يمكن فيها الحرث والغراسة، وقيل: إن القرار هنا الثمار والحبوب، والمعين الماء الجاري، فقيل: إنه مشتق من قولك: معن الماء إذا كثر، فالميم على هذا أصلية، ووزنه فعيل، وقيل: إنه مشتق من العين، فالميم زائدة، ووزنه مفعول.

يا أَيُّهَا الرُّسُلُ هذا النداء ليس على ظاهره، لأن الرسل كانوا في أزمنة متفرقة، وإنما المعنى أن كل رسول في زمانه خوطب بذلك، وقيل: الخطاب لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأقامه مقام الجماعة وهذا بعيد كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ أي من الحلال، فالأمر على هذا للوجوب، أو من المستلذات فالأمر للإباحة وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً قرئ إن بالكسر على الاستئناف وهي قراءة أهل الكوفة وبالفتح «٢» على معنى لأن، وهي متعلقة بقوله آخرا «فاتقون» وقيل: تتعلق بفعل مضمر تقديره: واعلموا، والأمة هنا الدين، وهو ما اتفقت عليه الرسل من التوحيد وغيره فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ أي افترقوا واختلفوا، والضمير لأمم الرسل المذكورين من اليهود والنصارى وغيرهم زُبُراً جمع زبور: وهو الكتاب، والمعنى أنهم افترقوا في اتباع الكتب، فاتبعت طائفة التوراة، وطائفة الإنجيل،


(١) . قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتنوين، والباقون بدون تنوين.
(٢) . قرأ بالفتح نافع وابن كثير وأبو عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>