للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ضوء الشمس في الهجيرة حتى يظهر كأنه ماء يجرى على وجه الأرض، والقيعة جمع قاع وهو المنبسط من الأرض، وقيل: بمعنى القاع وليس بجمع يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً الظمآن العطشان: أي يظن العطشان أن السراب ماء، فيأتيه ليشربه، فإذا جاء خاب ما أمل، وبطل ما ظنّ، وكذلك الكافر يظن أن أعماله تنفعه، فإذا كان يوم القيامة لم تنفعه فهي كالسراب حَتَّى إِذا جاءَهُ ضمير الفاعل للظمآن، وضمير المفعول للسراب أو ضمير الفاعل للكافر وضمير المفعول لعمله لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً أي شيئا ينتفع به أو شيئا موجودا على العموم لأنه معدوم، ويحتمل أن يكون ضمير الفاعل للظمآن وضمير المفعول للسراب. أو ضمير الفاعل للكافر وضمير المفعول لعمله وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ ضمير الفاعل في وجد للكافر، والضمير في عنده لعمله، والمعنى وجد الله عنده بالجزاء، أو وجد زبانية الله.

أَوْ كَظُلُماتٍ هذا هو المثال الثاني، وهو عطف على قوله كسراب، والمشبه بالظلمات أعمال الكافر: أي هم من الضلال والحيرة في مثل الظلمات المجتمعة من ظلمة البحر تحت الموج تحت السحاب فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ منسوب إلى اللج، وهو معظم الماء، وذهب بعضهم إلى أن أجزاء هذا المثال قوبلت به أجزاء الممثل به: فالظلمات أعمال الكافر، والبحر اللجي صدره، والموج جهله، والسحاب الغطاء الذي على قلبه، وذهب بعضهم إلى أنه تمثيل بالجملة من غير مقابلة وفي وصف هذه الظلمات بهذه الأوصاف مبالغة كما أن وصف النور المذكور قبلها مبالغة إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها المعنى مبالغة في وصف الظلمة، والضمير في أخرج وما بعده للرجل الذي وقع في الظلمات الموصوفة، واختلف في تأويل الكلام: فقيل: المعنى إذا أخرج يده لم يقارب رؤيتها، فنفى الرؤية ومقاربتها، وقيل: بل رآها بعد عسر وشدة، لأن كاد إذا نفيت تقتضي الإيجاب، وإذا أوجبت تقتضي النفي، وقال ابن عطية: إنما ذلك إذا دخل حرف النفي على الفعل الذي بعدها، فأما إذا دخل حرف النفي على كاد كقوله: لم يكد، فإنه يحتمل النفي والإيجاب.

وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً أي من لم يهده الله لم يهتد، فالنور كناية عن الهدى، والإيمان في الدنيا، وقيل: أراد في الآخرة أي من لم يرحمه الله فلا رحمة له، والأول أليق بما قبله،

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الرؤية هنا بمعنى العلم والتسبيح التنزيه والتعظيم، وهو من العقلاء بالنطق، وأما تسبيح الطير وغيرها مما لا يعقل، فقال الجمهور: إنه حقيقي، ولا يبعد أن يلهمها الله التسبيح، كما يلهمها الأمور الدقيقة التي لا يهتدى إليها العقلاء، وقيل: تسبيحه ظهور الحكمة فيه صَافَّاتٍ يصففن أجنحتهن في الهواء كُلٌّ قَدْ عَلِمَ الضمير في علم لله، أو لكل، والضمير في صلاته وتسبيحه لكل

<<  <  ج: ص:  >  >>