للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحت الأصنام فسماه خلقة على وجه التجوّز، وقيل هو من اختلاق الكذب لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً الآية: احتجاج على الوحدانية ونفي الشركاء، فإن قيل: لم نكّر الرزق أولا، ثم عرّفه في قوله: فابتغوا عند الله الرزق؟ فالجواب: أنه نكره في قوله: لا يملكون لكم رزقا لقصد العموم في النفي، فإن النكرة في سياق النفي تقتضي العموم. ثم عرّفه بعد ذلك لقصد العموم في طلب الرزق كله من الله، لأنه لا يقتضي العموم، في سياق الإثبات إلا مع التعريف فكأنه قال: ابتغوا الرزق كله عند الله وَإِنْ تُكَذِّبُوا الآية يحتمل أن تكون من كلام إبراهيم أو من كلام الله تعالى، ويحتمل مع ذلك أن يراد به وعيد الكفار وتهديدهم، أو يراد به تسلية النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن تكذيب قومه له، بالتأسي بغيره من الأنبياء، الذين كذبهم قومهم.

أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ يقال بدأ الله الخلق وأبدأه بمعنى واحد، وقد جاءت اللغتان في هذه السورة، والمعنى: أو لم ير الكفار أن الله خلق الخلق فيستدلون بالخلقة الأولى على الإعادة في الحشر، فقوله: ثم يعيده ليس بمعطوف على يبدأ، لأن المعنى فيهما مختلف، لأن رؤية البداءة بالمشاهدة، بخلاف الإعادة فإنها تعلم بالنظر والاستدلال، وإنما هو معطوف على الجملة كلها، وقد قيل: إنه يريد إعادة النبات، وإبدائه، وعلى هذا يكون ثم يعيده عطفا على يبدئ لاتفاق المعنى، والأول أحسن وأليق بمقاصد الكلام إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ يعني إعادة الخلق وهي حشرهم، ثم أمرهم بالسير في الأرض ليروا مخلوقات الله فيستدلوا بها على قدرته على حشرهم، ولذلك ختمها بقوله: إن الله على كل شيء قدير وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ أي ترجعون وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ أي لا تفوتون من عذاب الله وليس لكم مهرب في الأرض ولا في السماء أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي يحتمل أن يكون يأسهم في الآخرة، أو يكون وصف لحالهم في الدنيا، لأن الكافر يائس من رحمة الله، والمؤمن راج خائف، وهذا الكلام من قوله: أو لم يروا، إلى هنا: يحتمل أن يكون خطابا لمحمد صلى الله عليه وسلم معترضا بين قصة إبراهيم، ويحتمل أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>