للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الأعراب، وأن لا يكونوا في المدينة بل غائبين عنها يسألون من ورد عليهم على أنبائكم.

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي قدوة تقتدون به صلى الله عليه وسلم في اليقين والصبر وسائر الفضائل، وقرئ «١» أسوة بضم الهمزة والمعنى واحد هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ قيل: إن هذا الوعد ما أعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر بحفر الخندق من أن الكفار ينزلون، وأنهم ينصرفون خائبين، وقيل: إنه قول الله تعالى أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ [البقرة: ٢١٤] الآية، فعلموا أنهم يبتلون ثم ينصرون فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ يعني: قتل شهيدا قال أنس بن مالك: يعني عمي أنس بن النضر، وقيل: يعني حمزة بن عبد المطلب، وقضاء النحب عبارة عن الموت عند ابن عباس وغيره، وقيل: قضى نحبه: وفي العهد الذي عاهد الله عليه، ويدل على هذا ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «طلحة ممن قضى نحبه» وهو لم يقتل حينئذ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ المفعول محذوف: أي ينتظر أن يقضي نحبه، أو ينتظر الشهادة في سبيل الله على قول ابن عباس، أو ينتظر الحصول في أعلى مراتب الإيمان والصلاح على القول الآخر وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ الصياصي هي الحصون، ونزلت الآية في يهود بني قريظة، وذلك أنهم كانوا معاهدين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنقضوا عهده وصاروا مع قريش، فلما انصرفت قريش عن المدينة حصر رسول الله بني قريظة، حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بأن يقتل رجالهم ويسبى نساؤهم وذريتهم فَرِيقاً تَقْتُلُونَ يعني الرجال وقتل منهم يومئذ كل من أنبت «٢» وكانوا بين ثمانمائة أو تسعمائة وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً يعني النساء والذرية

وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ يعني أرض بني قريظة قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها هذا وعد بفتح أرض لم يكن المسلمون قد وطئوها حينئذ، وهي مكة واليمن والشام والعراق ومصر، فأورث الله المسلمين جميع ذلك وما وراءها إلى أقصى المشرق والمغرب، ويحتمل عندي


(١) . قرأ حفص: أسوة بضم الهمزة وقرأ الباقون إسوة بكسر الهمزة.
(٢) . أي: نبت له الشعر علامة البلوغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>